بيوتهم قصديرية أسقفها من الترنيت تركن إليها النساء، فيما يلجأ الرجال إلى المبيت في الكهوف وعلى أسطح هذه المنازل• أحياء تنعدم فيها كل ضروريات الحياة فلا ماء ولا كهرباء ولا تهيئة ولا مرافق ولا قنوات صرف صحي، مأساة حقيقية يعيشها أبناء هذه الأحياء الذين زرناهم واستجوبنا العديد منهم• سكان حي ابن باديس البالغ عددهم حوالي 2500 عائلة من بينهم 10 عائلات من عائلة واحدة التي تعيش بمحاذاة جبل الشنقورة، حيث يعيشون معظم الوقت هاجس الخوف ومخاطر الأوبئة والحيوانات الزاحفة• معظم هذه المنازل مصنوعة من الحجارة ومغطاة بالطين والترنيت، ويتراوح عدد القاطنين في المنزل الواحد بين 6 و12 فردا، حيث تنعدم في هذه السكنات أدنى الظروف المعيشية التي لا تبعث على الارتياح • وأكد بعض ساكني هذه البيوت أنها تعود إلى أكثر من 40 سنة ويتقاسم جل أفرادها آلام الحرمان والفقر والتهميش وانعدام أدنى ظروف المعيشة، رغم وعود السلطات بالتكفل بانشغالاتهم والتقليص من معاناتهم وآلامهم• كما أكد أحد سكان هذه البيوت أن أخته البكر تبيت عند الجيران لعدم وجود مكان ملائم للنوم الذي حرمت منه الكثير من العائلات، خاصة بعد تنامي ظاهرة انتشار الفضلات والأوساخ وتكاثر الثعابين والزواحف التي باتت تهدد سلامة وصحة السكان، معبرا عن أسفه الشديد لما آل إليه وضعه رغم أن والده مجاهد• أما الحالة الأخرى فهي لأم لسبعة أطفال، زوجها معوق، أطفالها يتقاسمون شتى الأمراض من الربو والسكري والحساسية، بينما منزلها مهدد بالانهيار بعد التشقق الذي طال الأسقف، وهو ما جعلها تفقد الأمل في تحسن أوضاعها بعد 8 سنوات من المعاناة والجري وراء الأحلام الزائفة• وجه آخر من هذه المأساة الحقيقية بالونزة وهي لامرأة لها ولدان حكم على زوجها بالسجن 30 سنة، وعليها هي بالسجن داخل منزل تنعدم فيه أبسط الضروريات وتتقاسم مع أبنائها الحلم بغد أفضل• أما حي الوئام وحي السلام اللذان يضمان أزيد من 2500 عائلة فصدق أحد سكان الحي الذي قال ''ليتنا نعيش مع الضباع ولا هذه الحياة المأساوية والمعقدة والمتناقضة، في ظل التهميش والحفرة وغياب التفاتة من السلطات للوضع الاجتماعي المزري''• وأبسط مثال على وضعهم هو افتقارهم للمياه الشروب التي يجلبونها بطرق بدائية أو بالدراجات النارية، وهذا عبر مسافة تتجاوز ال4 كلم، دون الحديث عن الطرق المهترئة والأزقة التي تسدها القمامات وتحاصرها الأوساخ وصحة معرضة للأوبئة وغياب الإنارة العمومية غائبة، وآمال معلقة نحو مستقبل مجهول والضحية المواطن والآلاف من العائلات التي تعاني الغبن والفقر والجهل والمرض• الوضع الذي أكده رئيس جمعية حي السلام، عجايلية حسين، ووصفه بغير المقبول في ظل جزائر تنعم بالخيرات والأغلفة المالية، والتي رصدت من أجل التكفل بالمواطن وإخراجه من بوتقة الفقر والحرمان، مطالبا السلطات بالتدخل هذه العائلات وإعادة تأهيل هذه الأحياء وتهيئتها ودعمها بما تقتضيه الظروف المعيشية الملائمة• من جهته عضو المصالح التقنية بالبلدية أوضح بأن هناك دراسات قد تم وضعها واقترحت عدة عمليات لإعادة تأهيل هذه الأحياء وتهيئتها والتكفل بالمطالب المطروحة من طرف السكان الذين ينتظرون تجسيد هذه الوعود ويعلقون عليها آمالا كبيرة •