تحمل غالبية تيارات "تديين السياسة وتسييس الدين" في بلادنا العربية وفي العالم الثالث "رؤية مغلقة للعالم"، تقوم على التكفير وتحريم ممارسات اجتماعية وثقافية مشروعة، وتدخل بفتاويها "الدينية" في ميدان الاقتصاد والعلوم والثقافة، فضلاً عن صغائر الحياة اليومية للأفراد، والحجر على العقل بجدران غيبيات النقل• وفي وسط شعوب عربية وعالمثالثية، تشير التقارير الدولية أن نسبة الأمية فيها بلغت 40 بالمئة، ما يجعلها أداة للتغيير الاجتماعي غير الواعي، ومنه وبوسائل العنف• أما حركات المثقفين العرب؛ لن يتاح لها رفع خطاب تنويري لأن السلطة ذاتها تضطهد في أوساطهم مَنْ لم يواليها، وبجوارها فتاوي اليمين السلطوي والديني، والأهم أنها تخاف هي ذاتها أيضاً من هذا التنوير، وهذا التحالف الطبقي بين السلطة والمال واليمين الديني؛ لن يضع مصلحة النظام السياسي الصالح والرشيد فوق أي اعتبار، وهي ذاتها - الأنظمة الطبقية الحاكمة، المغلقة على برنامجها الضيق، الذي لا يرى مصالح المجتمع، دور الدولة السياسي والاجتماعي الراشد على طريق تحرير العقل والتقدم والعدالة الاجتماعية - أحد الأسباب الرئيسية لهذا البؤس العام• وانطلاقاً من الطابع الاقتصادي والأهمية الإستراتيجية للمنطقة العربية، بتوافر أهم مصادر الطاقة في العالم، عصب الاقتصاد العالمي، وربطاً بالعولمة الرأسمالية الأمريكية، وتراكم القوى الجبرية لرأس المال - المركز والأطراف -، فإن هذه المنطقة ستبقى تحت الموجات العاتية لها، وبأشكال متعددة، نظراً لحيازتها على الطاقة الإستراتيجية• يقوم بعض البحاثة العرب، باقتفاء أثر اليابان وإجراء مقارنات، كيف حققت النهضة أهدافها باليابان المتقدمة الحديثة وسيادة النظام الرأسمالي الياباني (ثاني اقتصاد بالعالم 12 % حجم الإنتاج الداخلي "المحلي"، بعد اقتصاد الولاياتالمتحدةالأمريكية 25 % حجم الإنتاج الاقتصادي الداخلي من مجموع الاقتصاد العالمي)، والتي جاءت بعد بداية النهضة في مصر على يد حكم محمد علي "باشا" بنصف قرن، وربما تكون المقارنة هامة، بيد أن نظام الإقطاع "الميجي" الياباني بزعامة الإمبراطور تولى بنفسه بناء الرأسمالية، لأن البوارج الرأسمالية الأمريكية أرادت فتح أسواقه بقوة السلاح للتجارة، فاضطر إلى الانتقال حماية للذات، دولة إقطاعية تتولى ذاتها الانتقال إلى الرأسمالية، ثورة تاريخية عظمى، قام الحاكم الإقطاعي العسكري "الشوجون" بهذه المهمة، وهو الذي يحكم باسم الإمبراطور منذ أواخر القرن الثاني عشر وحتى 1868 تاريخ الإصلاح الميجي، وتخلل هذه القرون فترات قصيرة متقطعة من الحكم الإمبراطوري الخالص•