وقف، ظهر أمس، في محكمة الجنح الباريسية، دومنيك دوفيلبان، الرجل الطويل الوسيم متأثرا إلى حد ما، رغم الكاريزما التي تميزه، ليرد على اتهامه بالتواطؤ، إلى جانب خمسة متهمين آخرين، بإلحاق الضرر والإساءة كذبا وزورا لرئيس الجمهورية الحالي نيكولا ساركوزي، وذلك في القضية التي عرفت باسم فضيحة ''كليستريم''· اسم البنك اللوكسمبورغي الذي تسربت منه، عام ,2004 وثائق تبيّن أنها غير حقيقية، بعد أن كشفت عن أسماء المستفيدين من عمولات مالية نظير صفقة أسلحة لفائدة تايوان يعود تاريخها إلى عام ,1991 ومن بينهم ساركوزي المرشح السابق لانتخابات الرئاسة خلفا للرئيس شيراك· المحاكمة بدت سريالية بحكم فرادة جهة الادعاء التي تكونت من 40 شخصا أشهرهم ساركوزي وعشرين شاهدا من بينهم جان بيار رافاران رئيس الوزراء الأسبق، وستدوم هذه المحاكمة شهرا كاملا لمعرفة حقيقة القائمة المزيّفة المتضمنة الأسماء التي تقف وراء وثائق البنك المذكور، ويأتي على رأسها عماد لحود، المهندس في الإعلام الآلي اللبناني الأصل المتهم الرئيسي بتزييف الوثيقة البنكية، وجان لوييه جرجوران نائب الرئيس السابق لشركة ايدس، والمتهم بتزكية المناورة بصفة عملية عن طريق تحويله الوثيقة المزورة إلى القضاء ووصولها إلى القاضي الشهير رونو فان ريمبيك، الذي أبلغ المدعي العام إيف بو، وتم توقيف هذا الأخير يوم الثاني جوان من عام 2006 إثر اعترافه بأنه وقف وراء عملية الإرسال، وبالتزييف المتهم به عماد لحود· وقام جرجوران بذلك، حسب المراقبين للشأن السياسي الفرنسي، في سياق صداقته القوية الأخرى مع دوفيلبان، الأمر الذي يؤكد صحة التواطؤ المفترض الذي قاده من أجل وضع العصى في عجلات توجه ساركوزي نحو الإليزيه· وإذا كانت الاعترافات المذكورة أصبحت ماضيا معروفا بحكم تداولها وتكرارها، منذ تفجر الفضيحة عام ,2004 وتطورها الدراماتيكي عام 2006 إثر تدخل الرئيس ساركوزي في الصراع، فإن عنصر التشويق والمفاجأة سيشكل ملح المحاكمة التي انطلقت أمس من خلال محاولة القضاء معرفة متى وكيف وأين تمت عملية التزييف التي قام بها لحود؟ والسؤال الذي سيضمن ذروة المواجهة التاريخية بين الثلاثي الرئيسي المتهم هو ''هل صحيح أن لحود قام بفعلته بأمر من جرجوران ومن روائه دوفيلبان رئيس الوزراء السابق والديبلوماسي والشاعر الذي وقف ضد غزو العراق، فكان أن دخل قلوب ملايين العرب، كما تم مع حاميه شيراك الذي بهدل الجنود الإسرائيليين في القدس؟