عجيب أمر الفلسطينيين! أو بقايا الفلسطينيين في القدس، حين يطالبون العرب بالإجتماع في مؤتمر قمة لحماية القدس من هجمات التهويد التي تقوم بها عصابات نتانياهو! ولو تمعن الفلسطينيون في موضوع تحرش اليهود ببقايا القدس الإسلامية لتبين لهم بأن الأمر قد حدث من اليهود، بناء على طلب من العرب، الذين يريد الفلسطينيون أن يدعوهم للإجتماع في قمة لنصرة فلسطينالقدس! ألم يقل محمود عباس بأن طلب تجميد تقرير خرق حقوق الإنسان في غزة من طرف إسرائيل كان بطلب من العرب·· وأنه نفذ فقط إرادة العرب حين طالب بتجميد إحالة هذا التقرير على مجلس الأمن؟! أيهما أشد خطورة إذن·· تجميد إدانة إسرائيل بخرق حقوق الإنسان واستعمال جرائم الحرب ضد الفلسطينيين من طرف (رئيس فلسطين) بتوصية من العرب أو على الأصح الحكام العرب؟! أم احتفال اليهود في المسجد الأقصى بعيد عرشهم؟! الفلسطينيون يقولون بكل بله إعلامي إن إسرائيل منعت عرب 1948 من الذهاب للصلاة في المسجد الأقصى والإعتصام به كي لا يدنسه اليهود! ومعنى هذا الكلام أن عرب 48 هم وحدهم الذين بإمكانهم حماية الأقصى من اليهود! وأين إذن عرب العرب الفارين من منطقة 48؟! وأين عرب عباس ودحلان في القدسالشرقية، وعرب مصر والأردن الذين يسيرهم عمر سليمان والمخابرات الأردنية بالتنسيق مع الموساد وفق توجيهات عباس؟! تحرير القدس ليس من نتانياهو أو شارون أوالمتطرفين اليهود، بل تحرير القدس يبدأ أولا من أمثال عباس ودحلان·· والذين ينسقون أمنيا مع الموساد لحماية إسرائيل من فلسطينيي حماس وإيران وحزب الله· لقد عرفت بصفة شخصية طوال 30 سنة المرحوم عرفات، وهالني أن يخلفه على رأس فلسطين أمثال محمود عباس! لقد كان عرفات رحمه الله يقول: لن أسمح لأي كان بأن يعتدي على حرية استقلالية القرار الفلسطيني! ولكن اليوم نسمع من خلفه على رأس فلسطين يقول بلا حرج لقد نفذتُ تعليمات الدول العربية في طلب تجميد إدانة إسرائيل بجرائم الحرب في غزة! ولو قال: طلب نتانياهو لكان أكثر صدقا! لكن السر الذي لم يذكره عباس هو أنه رأى في التقرير المجمد عدم التوازن·· فقد تحدث التقرير عن إدانة إسرائيل ولم يتحدث عن إدانة حماس بنفس القوة! وعباس يريد رأس حماس وليس رأس إسرائيل! بدليل أنه يلهث وراء الحوار مع نتانياهو ولا يتحمس للحوار مع حماس! عباس يلهث وراء رضا إسرائيل ونتانياهو ولا يعير أدنى اهتمام إلى رأي شعبه في الفصائل الأخرى، وحتى رأي الجناح الوطني في فتح! إسرائيل هي التي سعت إلى تمديد بقاء عباس على رأس السلطة الفلسطينية، رغم أنه أصبح شعبيا مستهلكا، وانتهت صلاحيته السياسية في قيادة فلسطين·· وإسرائيل متمسكة به على رأس السلطة لأنه يقوم بدوره الإحتياطي الأمين لإسرائيل يتجاوز ما يقوم به الجدار العازل! ويتساءل الفلسطينيون الأحرار في الداخل وفي الشتات ماذا لو لم يكن أمثال عباس على رأس السلطة الفلسطينية؟! هل تجرؤ إسرائيل على التنكر لاتفاقيات أسلو؟! ومبدأ الأرض مقابل السلام؟! وهل كانت تجرؤ على أن تفعل بغزة ما فعلت دون أن يتحرك عباس وأمثاله في السلطة وفي الضفة؟! نعم لقد أصبح أحرار فلسطين يؤمنون بأن تحرير القدس من عباس وأمثاله حالة مقدمة على تحريرها من يهود نتانياهو وشارون! عباس الآن أصبح لا يختلف وضعه عن وضع ''فيشر'' الفرنسي مع الألمان عام 1945! والأفضل للفلسطينيين الأحرار أن يوقفوا المفاوضات مع إسرائيل ويعمدوا إلى تبني استراتيجية جديدة في العمل الوطني تعتمد على تفضيل الإحتلال الإسرائيلي على العمالة الفلسطينية التي تحاول إعطاء الشرعية التاريخية لهذا الإحتلال· على الفلسطينيين أن يفعلوا بوطنهم مثلما فعلت جنوب إفريقيا قبل 200 سنة، وما فعلت الجزائر قبل 150 سنة، فالإحتلال له وظيفة وطنية أفضل من التنازل التاريخي لإسرائيل وبصفة نهائية! الشرعية الدولية والتاريخية الآن مختلة لصالح إسرائيل، وعلى الفلسطينيين أن يؤجلوا الحل إلى أن تتغير الأمور· قبل 200 سنة لم تكن أمريكا قوة، ولم تكن إسرائيل في المنطقة، وبعد 200 سنة لن تكون كذلك·· والمرحوم سعد صايل قال لي قبل أن يموت بساعات: على جيلنا أن لا يرهن حق الأجيال القادمة في تحرير بلدهم وأن لا نقوم برهنه بحجة عجزنا عن مواجهة العدو في هذه الظروف!