سوناطراك البقرة الحلوب، الجمهورية وسط الجمهورية، عصف بها هذه الأيام زلزال شبيه بالزلزال الذي ضرب مؤخرا جزيرة هايتي، تسعة إطارات من المؤسسة متابعون بتهمة تلقي الرشاوى في صفقات عمومية إلى جانب نجلي المدير العام، أي أن الفساد صار شركات عائلية، ويبدو أن قضية المدير العام لسوناطراك ليست الأولى من نوعها، وهناك مسؤولون سامون آخرون ستشملهم تحقيقات رفقة أبنائهم تورطوا أيضا في صفقات مع الخارج··· لكن ماذا عن شكيب خليل؟ فالرجل في الحقيقة هو المدير الفعلي لسوناطراك، والمدير الحالي الموقوف والموضوع تحت الرقابة القضائية لا يمكنه بأي حال من الأحوال أن يقوم بأي تصرف ولا بأية صفقة دون علم الوزير المدير·· لكن الوزير كغيره من الوزراء المتورطة إطارات وزاراتهم ما زال في منصبه، ولم توجه إليه تهمة أو حتى استدعاء كشاهد في القضية، لا أدري إن كان الأمر يتعلق بحصانة خاصة يتمتع بها الوزير··؟ أم أن التحقيقات لم تطله بعد؟ أو بالفعل هو فوق الشبهات، ولا شيء يزعزعه من منصبه أو يزعزع ثقة الدولة في شخصه··· لكن يبقى رغم ذلك مسؤولا عن المسؤولين الذين عينهم على رأس هذه المؤسسة الحساسة التي تعد عماد الاقتصاد الوطني، ومنها نسترزق كل حسب نصيبه··· لكن ما جدوى الحرب التي نخوضها على الفساد إن بقيت الأسماء الثقيلة تحظى بحماية خاصة؟ قد يكون حقا شكيب خليل بريئا مما حصل في سوناطراك، وقد لا تكون لعمار غول أية علاقة بما اكتشف من فساد ورشاوى تورط فيها إطارات وزارة الأشغال العمومية، وقد يكون السعيد بركات غير مسؤول عما حصل من تبديد في أموال الدعم الفلاحي وبرنامج السهوب، مثلما يكون بريئا في صفقات استيراد اللقاح الذي يدور حوله الجدل، لكن هذا لا يمنع كونهم مسؤولين على مسؤولين سرقوا ونهبوا، ومن باب صون الكرامة أن يتقدم هؤلاء باستقالة من مناصبهم، على الأقل احتجاجا على ما حصل في مؤسسات هم الرقم الأول على رأسها، أو فقط لتبرئة ذممهم من أفعال ليس لهم يد فيها·· لأنه ليس من السهل إقناع المواطن بأن الدولة تخوض حربا حقيقية على الفساد، في حين أن الرؤوس الكبيرة ما زالت هنا وهي تبدو للإنسان العادي أنها فوق القانون ولا أحد، ولا حتى العدالة، في مقدورها النيل منها···