تلتزم الجزائر بتطبيق كل تعليمات صندوق النقد الدولي “الأفامي“، منذ 2001، والمتعلقة بتنفيذ شروط التعامل مع استراتيجية تسديد الديون الخارجية للدولة. وما إيجابية الحساب الجاري وتخفيض النفقات العمومية والواردات إلا دليل على التطبيق الكامل للتعليمات وقد تمكنت الجزائر من ذلك بعد أن نجحت في كسب معادلة الحساب الجاري المعتمدة على الإنتاج أكثر من الإنفاق، والاستثمار أكثر من الادخار، بفضل العائدات الجبائية الداخلية والمحروقات خارجيا، وساعدها صندوق النقد الدولي من خلال فرضه لسياسة رفع الدعم عن الطلب الداخلي، وزيادة العرض الإنتاجي، مقابل تخفيض تكاليف الإنفاق العمومي وكذا تخفيض نسبة الاستيراد الخارجي. ويقول ممثل بنك الجزائر، جمال بن بلقاسم، في ندوة نشطها أمس بالمدرسة العليا للمصرفة، في هذا الشأن “بتطبيقنا لتعليمات صندوق النقد الدولي، تمكنا من تسديد الديون الخارجية“. ويرى في شروط “الأفامي“ أنها تستجيب لمتطلبات الحكومة، حيث تستورد الجزائر أكثر من نفقاتها العمومية، ومع ارتفاع العائدات النفطية وزيادة المداخيل الجبائية، تكون الجزائر قد تحسنت في معادلة ميزان الحساب الجاري، الذي يعد أساس تقييم عمليات التحويلات المالية والنقدية لبنك الجزائر، وكل المصارف العالمية. ويتفق بن بلقاسم مع سياسة صندوق النقد الدولي رغم وجود أخطاء في المعادلات النقدية أحيانا، تمس بميزان المدفوعات، وتتسبب في تراجع الحساب الجاري، إلا أن ذلك مكن الجزائر من الإنتاج بفضل الاستثمار الأجنبي وتحرك القطاع الخاص المحلي من الناحية الصناعية، إلى جانب عائدات النفط، كما تمكنت من الخروج من دائرة الادخار بتمويل مشاريع إنمائية، لاسيما بعد أن انطلقت في عمليات الاستثمار عن طريق الأصول النقدية بالنسبة للمقيمين داخل الوطن، إذ يتوقف ذلك على وفرة رؤوس الأموال، والاقتراض بالنسبة للأجانب غير المقيمين، إذ تعتبر استثمارا تهم سلفة للجزائر - يمكنهم استرجاع رؤوس أموالهم بعد الاستثمار - وهذه السياسة تضبط للحكومة عمليات التحويل النقدية، وحساب مداخيل العملة الصعبة من الاستثمار والإنفاق عند الاستيراد.