كشفت مصادر مسؤولة أن ملف المناولة في مشروع الطريق السيار شرق - غرب سيكشف العديد من الخبايا، كونه تضمن تجاوزات بالجملة. وكشفت مصادرنا أن مسؤولي وزارة الأشغال العمومية ومسؤولي المديريات الجهوية للبرامج الجديدة واصلوا العمل بالمناولة رغم أن الصفقة الإطار (عقد الإنجاز) يمنع منعا باتا المناولة، بعد شهرين من انطلاق الأشغال تجاوزات بالجملة وضرب عرض الحائط بمواد القانون ^ وأضافت مصادرنا أن ملف المناولة في مشروع القرن يوجد قيد التحقيق، ويتم ربط الأمر بالتضخيم في قيمة المشروع التي قفزت من 11.4 مليار دولار إلى أكثر من 30 مليار دولار، مثلما كانت أشارت إليه “الفجر“ في عدد سابق. وتمنع مواد الصفقة الإطار الموقعة بين وكالة الطرق السيارة، صاحبة مشروع الطريق السيار شرق - غرب، والمجمعين الصيني والياباني، أي شكل من أشكال المناولة، بل تحددها بشروط متفق عليها في السابق. ومن تلك المواد، المادة 45 التي جاء فيها “المناولة ممنوعة بدون ترخيص مستعجل من المصلحة المتعاقدة“ (وكالة الطرق السريعة). وفي الفقرة الثانية من ذات المادة تم تحديد المناولة بدقة، حيث تمت الإشارة إلى “أن وضعية ونوعية الأشغال المقررة للمناولة، وقائمة ومراجع المؤسسات المناولة يجب أن تكون منذ البداية وبشكل ضروري بترخيص من المصلحة المتعاقدة، على أقصى تقدير شهرين (2) بعد بداية سريان مفعول العقد“، وفي حالة مشروع القرن فإن آخر أجل لاستلام ملفات الشركات المناولة هو 18 نوفمبر 2006، كون أمر انطلاق الأشغال (ODS) كان بتاريخ 18 سبتمبر 2006. وتحوز “الفجر“ أيضا على نسخة من عقود الاتجار مع المجمعين الصيني والياباني، من ذلك “دفتر الأحكام الإدارية الخاصة“ (CCAP)، حيث جاء في المادة أ. 13 أنه “ضمن النسبة الأعلى، أو القصوى، للمناولة التي تضمنتها بنود الاتفاقية الإطار (الصفقة)، فإنه مع احترام مجال التدخل، فإن المقاول بإمكانه المناولة بعد موافقة المصلحة المتعاقدة“. وأضافت المادة أن الأشغال التي يمكن أن تدخل في المناولة من الفائز بالصفقة، يجب تحديدها في ملف العرض الأول (الذي تدخل به الشركة المنافسة من أجل الفوز بالصفقة)، وألا تدخل المناولة في الأشغال في صلب المشروع، ويعني هنا الأشغال الأساسية والمحورية لمشروع القرن. وتضيف المادة أنه على الشركة الفائزة بالصفقة، والتي قررت المناولة ببعض الأشغال، تقديم ملفات تقنية ومالية مضبوطة للمصلحة المتعاقدة معها بشأن المناولين.. كما حددت المادة العديد من النقاط الواجب احترامها في هذا الباب، وحملت المسؤولية كاملة للشركات التي فازت بالصفقة، إلى درجة أن ذات المواد أكدت أن صاحب المشروع مطالب بتوجيه إعذار للشركة المنجزة في حالة عدم التزام الأخير بشروط المناولة. كما أشارت بنود الصفقة إلى مسؤولية الشركات المنجزة، وهي المجمعان الصيني “سيتيك/ سي آر سي سي“ والياباني “كوجال“ في مراقبة نوعية الأشغال التي يقوم بها المناولون، والتحديد بدقة المخطط التنظيمي لبرنامج ضمان النوعية، وكذا برنامج ضمان التأمين..
وعندما نعود إلى مواد العقد الإطار (الصفقة) وملحقاتها، والقيمة المالية التي سيبلغها مشروع الطريق السريع شرق - غرب، والتي فاقت ال30 مليار دولار، وليس 11.4 مليار دولار مثلما هو محدد، ثم بعد ذلك القرارات التي اتخذها وزير الأشغال العمومية، عندما انطلق المشروع، بمنح مدراء البرامج الجديدة الجهويين كل الصلاحيات، تتضح أهداف المناولة والترخيص لها مع سبق الإصرار والترصد. وفي هذا السياق قالت مصادرنا المطّلعة على الملف أن أول تلك الأهداف هو تغطية العجز الرهيب في العتاد والتجهيزات والإمكانيات المادية والبشرية للمجمعين الصيني والياباني، سيما أن هناك قيمة مالية جزافية تم منحها للمجمعين، من باب الإسراع في الأشغال وتسليم المشروع في آجاله (40 شهرا) ثاني هدف هو الكسب غير المشروع من خلال دفع مستحقات وضعيات أشغال للمناولين بحساب السعر المرجعي الذي تضمنته صفقة المشروع، والتي هي مرتفعة جدا، غير أن الأسعار المطبقة في الجزائر هي أقل بكثير، سيما وأن أغلب تلك المقاولات لا تحوز على عقود مصرح بها لدى الهيئات المعنية، ولمقاولات غير معتمدة، وأثبتت التحقيقات الأولية أن غالبيتها ملك لإطارات في حركة مجتمع السلم “حمس“. ولم تستبعد مصادرنا أن يكون ذلك في سياق الدعم المالي لبعض الهيئات والمنظمات “الخفية“ التي تستهدف عدم استقرار الجزائر. مناولون بالجملة وتجاوزات... بالجملة علمت “الفجر“ من مصادرها المطلعة على ملف الطريق السيار شرق - غرب أن ملف المناولة في هذا المشروع يوجد لدى الجهات التي تحقق في فضائح مشروع الطريق السيار، حيث بينت العناصر الأولى من التحقيق أن إطارات وزارة الأشغال العمومية ومسؤولي الوكالة الوطنية للطرق السريعة ومسؤولين من مديريات البرامج الجديدة الجهوية (دي بي آن) تجاوزوا القانون المنظم للمناولة من خلال فرض بعض الشركات للاستفادة من الريع.
وقالت مصادرنا إن هناك عدة شركات نقل عملت بدون ترخيص مسبق، مثلما ينص عليه عقد الصفقة، من قبل مسؤولين في مديريات البرامج الجديدة الجهوية (شرق. وسط. غرب) بأمر من ديوان وزير الأشغال العمومية، وأكثر من ذلك حرّض هؤلاء “الإطارات“ الناقلين المناولين فقاموا بوقفات احتجاجية وإضرابات، حيث توقفت الأشغال لفترات، وذلك لدفع صاحب المشروع إلى الإسراع في دفع المستحقات، مثلما حدث مع شركة “ط. س“ ببرج بوعريريج، الذي له علاقة ّطيبة“ مع مسؤولي وكالة الطرق السريعة، ومسؤولي “دي بي آن“ شرق. كما كشفت التحقيقات الأولية تجاوزات مؤسسات مناولة خاصة بأشغال محيط مشروع الطريق السيار (التشجير)، وكذلك الشأن بالنسبة لأشغال الحاجز الإسمنتي الفاصل بين طرفي الطريق السيار شرق - غرب (glissières en béton) وشركات إشارات التوجيه التي عملت بدون ترخيص مسبق، مثلما هو حال شركة “نيو. ج“ من العاصمة. وبينت العناصر الأولى من التحقيق أن مسؤولي الوكالة وإطارات الوزارة فرضوا أسماء “خبراء“ على مكاتب المتابعة والمراقبة الأجانب، وذلك حتى يتمكنوا من تمرير بعض الوضعيات لهم في حالات الانسداد أو دفع مستحقات مالية. وكان ملف المناولة قد طرح عندما بدأت تظهر فضائح المشروع، وبدأ الحديث عن التجاوزات، حيث تم طلب تشكيل لجنة تحقيق بصفة مستعجلة، سيما بعد تزايد عدد الشركات المناولة في كل محاور ومقاطع الطريق السيار، وبعض الأشغال الملحقة.
كما كان مدير البرامج الجديدة راسل المجمع الصيني “سيتيك/ آر سي سي“ والياباني “كوجال“ وأخبرهم بعدم شرعية وقانونية العديد من الشركات المناولة التي تعمل، الأمر الذي يجعل أمر دفع مستحقاتهم مستحيلا، كما كانت هناك تعليمات من مديرية البرامج الجديدة السابقة برفض كل الأشغال التي قامت بها الشركات المناولة غير المعتمدة، ومع كل ذلك تواصل العمل بالمناولة إلى غاية ديسمبر الماضي، قبل شهر من انتهاء آجال تسليم مشروع القرن (جانفي2010 .