النقابات المستقلة تحمّل سيدي السعيد مسؤولية تدهور الوضع الاجتماعي والمهني تحل اليوم الذكرى المزدوجة لتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين وتأميم المحروقات وسط ظروف مميزة أفقدت المناسبة العمالية والثورية نكهتها، تترجمها فضائح مالية في أحد أكبر المجمعات البترولية، وغليان الجبهة الاجتماعية انتهى بإضرابات تعيشها قطاعات حساسة عديدة، خاصة الصحة والتعليم، تطالب بتحسين الأوضاع الاجتماعية، وهو الوضع الذي ردته النقابات المستقلة إلى فشل المركزية النقابية في الدفاع عن حقوق العمال وانفرادها في القرار، حسب تصريحات قيادييها ل “الفجر”.
يحتفل الجزائريون اليوم بالذكرى المزدوجة الثانية والخمسين لتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين والتاسعة والثلاثين لتأميم المحروقات، وإن كانت الوقفة التاريخية حملت معها السنة المنصرمة الزيادة في الأجر الوطني المضمون برفعه إلى 15 ألف دينار بقرار من رئيس الجمهورية، عبد العزيز بوتفليقة، فإن الذكرى في سنة 2010 تأتي في ظروف مميزة أفقدت نكهة الاحتفالات، منها الفضائح التي هزت شريان الاقتصاد الجزائري، وعلى فضيحة نهب أموال سوناطراك، الأشغال العمومية، الصيد البحري واتصالات الجزائر. كما تزامنت مناسبة ذكرى استرجاع السيادة الوطنية على المحروقات أيضا مع تحذيرات وجهها الوزير الأول، أحمد أويحيى، من خطورة زوال مورد النفط، ما يستدعي الجميع الحيطة والحذر والتفكير في اقتصاد لا يعتمد على البترول. كما تتزامن ذكرى ميلاد المركزية النقابية مع ظروف أخرى معقدة، ترجمها الغليان في الجبهة الاجتماعية وإضرابات في قطاعات مختلفة، كالتربية والصحة والتعليم العالي، وهي قطاعات ضخمة تمثل السواد الأعظم من عمال الوظيف العمومي، وسط احتجاج على سوء تسيير الشأن العام والتماطل في إدارة الملفات الاجتماعية والمهنية العالقة منذ سنوات، بالإضافة إلى رفض الحوار البناء. وأمام هذا الوضع، دعت لجنة الحريات النقابية، على لسان رئيسها، أحمد بدوي، في تصريح ل “الفجر”، إلى مراجعة خوصصة قطاع المحروقات وبعض الأنشطة المرتبطة به. كما حمل المتحدث المركزية النقابية مسؤولية تدهور الأوضاع التي آل إليها العمال، بسبب ما أسماه تلاشي دورها في حماية حقوق الطبقة الشغيلة، ولم تعد سوى وسيلة من وسائل الرقابة وتكميم الأفواه، حسب نفس المصدر. وفي نفس السياق، ترى مريم غزلان، الأمينة العامة للنقابة الوطنية المستقلة لمستخدمي الإدارة العمومية، أن السبب الأساسي في تدهور الحالة الاجتماعية لعدد معتبر من الطبقات العمالية يتحمله الاتحاد العام للعمال الجزائريين ومسؤوله الأول، سيدي السعيد، الذي أغلق كل أبواب الحوار وانفرد في اتخاذ القرارات المرتبطة بمستقبل العمال دون استشارتهم بصفتهم المعني الأول، وهو ما نتج عنه استبعاد العمال من بعض الشركات الأجنبية، خاصة في قطاع الطاقة والمحروقات، حسب تعبير هذه الأخيرة، وعلى رأسهم مريم مهدي، التي فتحت قضيتها أعين الرأي العام على وضع مهين يعيشه عمال جزائريون لدى شركات أجنبية.