لا تزال قضية اختطاف الأطفال وممارسة العنف عليهم تلقي بظلالها على المحاكم الجزائرية، وإن ارتفع عددها فإنه لا يعكس الرقم الحقيقي للحالات المسجلة نظرا لعدم التبليغ، وإن تعددت أسباب هذه الظاهرة، فإن الأغلبية يجمعون على إهمال الوالدين لأبنائهم في هذه القضية التي عالجتها محكمة الجنايات لدى مجلس قضاء البليدة، التمس ممثل الحق العام تسليط عقوبة السجن المؤبد ضد المدعو (ب. حمزة)، 29 سنة، بعد أن توبع بجناية حجز شخص بدون أمر من السلطات وتعذيبه بدنيا، فيما لم يكن الضحية سوى طفل لم يتعد ربيعه العاشر من العمر، ولكنه اختبر تجربة مريرة لن ينساها بسهولة. تفاصيل القضية، وحسبما دار في قاعة المحكمة، تعود إلى شهر سبتمبر من السنة المنقضية، حين تقدم والد الضحية من مصالح الأمن بالدويرة قصد الشكوى ضد المتهم الذي يملك محل حدادة كائن بتعاونية سوق الفلاح بالدويرة، مفادها تعذيب واختطاف ابنه القاصر (ش. بلقاسم)، البالغ من العمر 9 سنوات. وقال الطفل إنه في حدود الساعة العاشرة من يوم 18 سبتمبر 2009 كان متواجدا بالقرب من سوق الفلاح، ولفت انتباهه سيارة من نوع بيجو 206، بيضاء اللون، بابها مفتوح، فركب من جهة السائق قصد اللعب بالمقود ثم قام بفتح الصندوق المتواجد ما بين المقعدين فعثر على مبلغ مالي بقيمة 5 آلاف دج فأخذه وانصرف. لحظتها أمسك به صاحب السيارة وأخذه إلى مستودعه الخاص بالحدادة، وربطه بواسطة سلك معدني من يديه وتركه مكبلا إلى غاية الساعة الخامسة مساء، وبعد أن استرجع المبلغ وضع صفيحة حديدية ساخنة على مستوى مؤخرته مرتين دون أن تشفع لديه آلام الصبي وصراخه، وهو ما أثبتته شهادة الطبيب الشرعي والتي أفادت بوجود حروق من الدرجة الأولى على مستوى المكان المشار إليه. من جهته، صرح المتهم بأنه لم يحتجز الطفل لساعات، بل فقط 20 دقيقة، وأن الغضب كان الدافع الرئيسي لفعلته، بعد أن اكتشف اختفاء المبلغ المالي من سيارته، فأراد تأديبه بتلك الطريقة الوحشية، التي استهجنها كل من حضر قاعة المحاكمة، فيما قال النائب العام إن هذا التصرف والتناقض في التصريحات إنما للإفلات من المسؤولية الجزائية، فيما قررت هيئة المحكمة بعد مداولاتها إدانة المتهم والحكم عليه بثلاث سنوات حبسا نافذا.