حين ترتبط الفتاة مع شريك حياتها يتصور الجميع أن زوجها، القادم الجديد للعائلة، قد أصبح فردا من أفرادها، ولكن الواقع يعكس في بعض الأحيان صورة مختلفة تنم عن كون الصهر شخصا منبوذا من طرف أفراد عائلة زوجته، و هو ما ينعكس على الأبناء الذين لا يفوتهم هذا الإحساس بنبذ أبيهم، فتتوتر العلاقات وتزداد حدة هذا التوتر إذا كان محيط العائلتين يشجع مثل هذه الإنشقاقات. قضية القتل العمدي مع سبق الإصرار، والتي نظرت فيها محكمة الجنايات بمجلس قضاء البليدة، كشفت صورة مؤلمة عن هذا الواقع الأليم. فالمتهم شاب في العقد العشرين، والضحية لم يكن سوى خاله الذي اعتدى على أبيه في وقت سابق من يوم الجريمة والذي صادف أحد أيام شهر رمضان الكريم من السنة الماضية. فلا حرمة الشهر الفضيل ولا صلة القرابة و الدم شفعت عند هذا الشاب الذي أخذته الحمية لأبيه، عند عودته مساء إلى منزله الكائن ببلدية خميستي ببوسماعيل، وسماعه عن الشجار الذي نشب بين والده وأخواله لسبب أقل ما يقال عنه أنه تافه، وهو شجار نشب بين الأطفال أي بين أبناء الأخوال والعمة بالقرب من أوليائهم. فيما قال الشهود أن والد المتهم لم يرد على استفزازات أصهاره وانصرف مبتعدا عنهم، حتى بعد أن قام أحدهم بضرب ابنه أمام مرأى عينيه.. ونهره شخصيا أمام الجميع، وهو ما أكدته زوجته التي قالت أن زوجها عاد إلى البيت وعيناه مغرورقتان بالدموع، ولما سألته عن الموضوع رفض الإفصاح لها عن حقيقة ما تعرض له من إهانة من طرف أشقائها إلا أن ابنتها الصغيرة أخبرتها بالواقعة، فقررت الذهاب إلى منزل عائلتها لنهر إخوتها عن فعلتهم، ولتشتكي لوالدتها تصرفاتهم اتجاه زوجها. وفي نفس الوقت عاد ابنها المتهم إلى منزله، وفي طريقه أخبره أبناء الحي عما لحق بأبيه فقرر الذهاب إلى بيتهم وانتظر والدته بعد عودتها، ولما سألها رفضت أن تخبره بالأمر، وقالت له إن ما يتداوله الجيران غير صحيح.. غير أن الشك ساوره لما رأى ملامحها الغاضبة ليعاود الخروج ويتأكد من الأمر من عند أحد أصدقائه الذي قص له ما حدث مع شقيقه الصغير و والده. وهنا اشتدت حميته، فعاد مسرعا لمطبخ المنزل و خرج بسكين في يده إلى غاية أن التقى بخاله، الذي نهره عندما سأله عنه الموضوع. المتهم قال لرئيس الجلسة عند سماعه: “لم أتمالك نفسي لما رفض الإجابة عن سؤالي حول سبب التعدي على والدي، و لم أدرك كيف أصبته بالسكين الذي كان بيدي، كما أنه كان يحمل حجرا حاول ضربي به”. المتهم، فور ارتكابه لجريمته، فر إلى الغابة المجاورة فيما تم نقل خاله الى مستشفى القليعة لتلقي الإسعافات الأولية، غير أن إصابته على مستوى الرقبة لم تمكنه من النجاة ليلفظ أنفاسه و يفارق الحياة في ذات الليلة. فيما سلم الجاني نفسه إلى مصالح الدرك الوطني بعد صلاة تراويح ذالك اليوم المشؤوم ويعترف بكل ما ارتكبه دون أن يكون قد علم بوفاة خاله حتى قبل تسليم نفسه. النائب العام أدان بشدة الجريمة المرتكبة و التمس عقوبة 20سنة سجنا نافذة ضد المتهم، فيما عادت المحكمة بعد مداولاتها لتدينه بعقوبة 12 سنة سجنا نافذة، ولتكون بذلك الأم الضحية الأكبر وهي التي فقدت شقيقها على يد ابنها..