هيلين توماس: الإسرائيليون محتلون وعليهم العودة من حيث أتوا أول مرة ماذا تقولين لإسرائيل؟ هيلين توماس: أحثهم على مغادرة فلسطين، تذكروا أن الفلسطينيين يعيشون تحت الإحتلال وأن فلسطين هي أرضهم. ماذا يفعل الإسرائيليون إذا؟ فليذهبوا إلى ديارهم، إلى ألمانيا، إلى بولندا، والعودة إلى ألمانيا وبولندا والولاياتالمتحدة والبلاد الأخرى التي أتوا منها في بادئ الأمر. هذه مقاطع من مقابلة بالفيديو لم تكن مع لاجئ فلسطيني أو لاجئة فلسطينية أو قيادي من حركة حماس، بل هي ردود أشهر مراسلة صحفية أمريكية «هيلين توماس» التي تبلغ من العمر 89 عاما، وعاصرت من خلال تغطيتها للمؤتمرات الصحفية في البيت الأبيض منذ الستينيات من القرن الماضي نحو عشرة رؤساء أمريكيين، آخرهم باراك أوباما الذي احتفل في قاعة المؤتمرات بالبيت الأبيض بعيد ميلادها التاسع والثمانين. هذه التسجيلات لهيلين توماس، والتي بثت بشكل كثيف على شبكة الأنترنت وانتشرت بسرعة أدت إلى حملة انتقادات واسعة في الولاياتالمتحدة وإسرائيل. واتهامات لها "بمعاداة السامية" ومن ثم استقالتها واعتذارها عن هذه التصريحات «مرغمة كما يبدو»، خاصة بعد أن قال الناطق باسم البيت الأبيض روبرت جيبس إن "تصريحات توماس كريهة وتستحق التوبيخ". ليس سهلا أن تقول الحقيقة في أمريكا إذا كانت هذه الحقيقة التي يعرفها الجميع تتعلق "بإسرائيل" رغم أن القانون الأمريكي يحاكم السياسيين على "الكذب» ولا يمكن لأي أمريكي أن يغفر لسياسي كذب عليه مرة واحدة. ما فعلته هيلين توماس - رغم اعتذارها فيما بعد -أنها قالت الحقيقة بل وقدمت الحل الممكن والوحيد لانتهاء الصراع في المنطقة "عودة اليهود الى بلدانهم التي جاءوا منها" وعودة فلسطين للفلسطينيين.. فاليهودي الأمريكي، أو اليهودي البولندي، أواليهودي الروسي، أو حتى اليهودي المغربي والعراقي، بلاده أولى به من بلاد الأخريين!! حتى اعتذار هيلين لا يحمل تراجعا عما قالته فهي تقول في اعتذارها «هذه التصريحات لا تعبر عن إيماني العميق بأن السلام لن يتحقق في الشرق الأوسط إلا باعتراف جميع الأطراف بضرورة التصرف على أساس مبادئ التسامح والإحترام المتبادل وأتمنى أن يتحقق ذلك قريبا». فتوماس تعلم أكثر من غيرها أن إسرائيل التي تقتل المدنيين في عرض البحر وفي المياه الدولية لا يمكن أن تتصرف يوما استنادا لمبادئ التسامح والإحترام المتبادل فهي لا تحترم حياة الناس «من غير اليهود» ولا تعترف بحقهم حتى في الحياة!! استقالت هيلين توماس وتقاعدت من وظيفتها ومهمتها بعد تصريحاتها الأخيرة، لكنها استقالة يجب أن تكون مشرفة، وتقاعد يجب أن يكون مليئا بالفخر بالنسبة لها، فهي قدمت نيابة عن كل فلسطيني وعربي ومسلم، ونيابة عن كل أحرار العالم الذين يؤمنون بما قالته «هيلين توماس»، الحل العادل لآخر استعمار في المنطقة.. وهي على كل حال نهاية مشرفة لهذه الصحفية العملاقة التي اختتمت حياتها المهنية بالإنحياز للحقيقة.. وليس «نهاية حزينة» كما وصفتها قناة العربية في تقريرها الذي بثته عن هذه القضية؟؟