تتسابق الجارتان، تونس والمغرب على استقطاب الكاميرات السينمائية العالمية، من خلال توفير فضاءات جديدة للتصوير السينمائي واستديوهات للإنتاج، في الوقت الذي تقبع بينهما طبيعة الجزائر العذراء، في انتظار من يسوّق سحرها السينمائي إلى الخارج لا يختلف اثنان بأن سنوات التسعينيات في الجزائر، فرملت الكثير من خطوات التطوّر في شتى الميادين الحياتية، بما في ذلك الاستثمار في القطاع السينمائي الذي كانت الجزائر أرضا خصبة له، في سنوات السبعينيات وبداية الثمانينيات، من خلال حركية الإنتاج السينمائي المكثف الذي ساهم فيه توفر جغرافية الجزائر على مناظر طبيعية خلابة ونموذجية للتصوير، ويكفي هنا أن نذكّر فقط بأن حديقة الحامة بالعاصمة، شهدت تصوير أول طبعة من فيلم ”طرازان” الشهير. ومع استفاقة الجزائر من دوختها عقب عشرية الدم، التفت سينمائيوها يمينا وشمالا، ليجدوا نُظراءهم في الجارتين تونس والمغرب، قد وقفوا على استوديوهات تصوير تراهن على استقطاب الكاميرات السينمائية العالمية، لتكريس اسما الجارتين، كأهم قبلتي تصوير سينمائي في الشمال الإفريقي. وهو ما كرّسه قبل يومين فقط، المخرج السينمائي التونسي علي العبيدي، الذي وضع، أول أمس، حجر الأساس لمشروع أول وحدة إنتاج سينمائي في مدينة الرديف على بعد 350 كلم جنوب غرب العاصمة تونس، في منطقة سيدي منصور المتاخمة للحدود مع الجزائر. على مساحة أربعة هكتارات بميزانية أولية تقدر بحوالي 150 ألف دولار. وسبق أن أنشأ المنتج العالمي طارق بن عمار ورئيس الحكومة الإيطالي سيلفيو برلسكوني استوديوهات مشتركة في منتجع الحمامات على بعد 60 كيلومترا شمال العاصمة التونسية وأخرى في منطقة قمرت في ضاحيتها الشمالية، والتي تشهد هذه الأيام تصوير فيلم الذهب الأسود، بعد أن تعاقد بن عمار مع استديو ”وارنر بروس” وستديو ”يونيفرسال” الأمريكيين، على إنتاج وتوزيع الفيلم، بميزانية تقدر ب 55 مليون دولار يشاركه الممثل الجزائري طاهر رحيم، وبطولة أنطونيو بانديراس. ومن جانبها، تبقى منطقة ورزازات، جنوب المملكة المغربية، محافظة على المكانة التي وصلت إليها سمعتها في العالم، خصوصا بعد فتح استديوهات ”سي .آل. آ” الجديدة بها، والمعروفة اختصارا باسم ”كلا” سنة 2005، وهي تتوفر على فضاءين للتصوير، يتسع كل واحد منهما على مساحة 1800 متر مربع، إضافة إلى 20 مقصورة للماكياج، وأربع ورشات لمهن الديكور على مساحة 1400 متر مربع، إضافة إلى أربعة هكتارات مخصصة لبناء وتركيب وتخزين مختلف أشكال الديكور. ومن المعروف أن استديوهات ورزازات قد شهدت تصوير الكثير من الأعمال السينمائية العالمية، لأشهر المخرجين والمنتجين العالميين، أمثال رائد السينما التشويقية ألفريد هيتشكوك، والإيطالي سيرجيو ليوني والمخرج البريطاني الشهير ديفيد لين، الذي صور فيها فيلمه الشعير ”لورانس العرب” بطولة أنتوني كوين وعمر الشريف. دون نسيان فيلم ”غلادياتور” لهرم السينما الأمريكية ريدلي سكوت. بين ورزازات المغربية والرديف التونسي، تقف الأراضي الجزائرية المفتوحة على الجمال والمناظر الاستثنائية، الجبلية، الصحراوية، السهليّة، الغابية، البحرية.. تنتظر من يسلّط عليها الكاميرا، لينقل للعالم بأسره ذلك السحر الذي لم يسوّق بعد.