تعيش شريحة كبيرة من البدو الرحل بولاية الوادي، أوضاعا قاسية للغاية في هذا الشتاء البارد بسبب الغياب الكلي لكافة المرافق التنموية الهامة من صحة وتربية وسكن، حيث يعيش هؤلاء في خيام منصوبة في عمق الصحراء ولا يعرفون التلفزة أوالمدرسة.. بل الأدهى من ذلك يصاب الكثير من النساء بأمراض مزمنة وخطيرة بسبب حالات الزواج العرفي بين الأقارب يخافون من الضوء والماء ويعتبرون السيارة كائنا غريبا! الوضعية المذكورة، التي وقفت عليها “الفجر” في بعض القرى النائية لبلدية ڤمار، كشفت الهشاشة والحرمان الكبير الذي يتخبط فيه هؤلاء السكان وسط برد قارص، كون هؤلاء السكان لا يعرفون عدا أغنامهم التي يقومون برعيها في الصحراء، ولا يأكلون إلاّ اللحوم وبعض الأعشاب والخضروات التي تنبت في الصحراء. أما رائحتهم فهي أشبه برائحة دوابهم التي يتنقلون فوقها، ومنهم من لا يعرف حتى اسمه، خاصة الأطفال الصغار الذين لم يعرفوا مقاعد الدراسة أو شيئا اسمه الكراس والقلم، بل على العكس من ذلك يخافون حتى من النور والماء والسيارات لأنهم يعتقدونها كائنات غريبة وعالما مجهولا مخيفا! الوضع المذكور الذي كان محل معاينة السلطات الولائية وبعض المنتخبين مؤخرا، اندهش له الجميع، لكن الجميل فيه أن السلطات الرسمية أبدت رغبة كبيرة في التكفل بهؤلاء السكان الذين لا يعرفهم سكان المنطقة أصلا لكونهم يتنقلون في الصحاري ويخافون من الدخول إلى التجمعات السكانية. وقد استفاد لأول مرة حوالي 30 طفلا من أبناء البدو الرحل بمنطقة عرصة لمهنية، التابعة لبلدية ڤمار بالوادي، من منحة التمدرس لأول مرة يلتحقون بمقاعد الدراسة بعدما كانوا رفقة عائلاتهم يعيشون حياة أقل ما يقال عنها أنها بدائية. وأمام هذا الوضع قامت مصالح بلدية ڤمار، بعد معاينة السلطات الولائية للحالة المذكورة، بالتكفل بأبناء هؤلاء السكان البدو الرحل من الأطفال الصغار بقصد إدماجهم في المؤسسات التربوية بالبلدية في مبادرة لقيت استحسان الجميع، حيث قامت بتخصيص حافلة نقل يوميا لأبناء هذه المنطقة الذين يقارعون أبواب المدارس لأول مرة في حياتهم، ولأول مرة يرون فيها الأقلام والكراريس، حيث يتم نقلهم من مكان سكناهم إلى أول مدرسة بمنطقة غمرة على مسافة 08 كيلومترات يوميا، من أجل التعلم مثل جميع أقرانهم. وحسب تصريح رئيس بلدية ڤمار، حسام نويوة، ل”الفجر”، فإن التلاميذ ال 30 استفادوا من منحة التمدرس وكذا الألبسة والأدوات المدرسية، مع تكفل البلدية بنقلهم يوميا إلى ابتدائية بحّة الهادي رقم 02 بغمرة. وقد التحق هؤلاء التلاميذ، كل حسب عمره، من الصف الأول إلى غاية الصف الرابع. وقد لاقت هذه المبادرة إعجاب الأولياء الذين يستبشرون خيرا بدراسة أبنائهم بل ويشجعونهم، للخروج من الأمّية والجهل التي تعيشها هذه المنطقة التي كانت لوقت غير بعيد منطقة منسية، وأهلها يسكنون في العراء ولا يعترفون بالوثائق ويتزوجون دونها. كما قامت مصالح البلدية أيضا بتسطير برنامج حيوي خلال الخماسي القادم، في إطار برنامج التنمية الريفية، لرفع الغبن عن هذه العائلات، يشمل جملة من المشاريع أهمها السكن الريفي، حيث سيستفيد جميع السكان منه، إضافة إلى مسالك فلاحية، وبئر ارتوازي، والتفكير في بناء أقسام دراسية مستقبلا.