عكست التحليلات والمقالات وبعض التصريحات التي نشرت مؤخرا في الصحف الإسرائيلية تخوفا كبيرا لدى سلطات الاحتلال من أن يؤدي تغيير النظام في مصر إلى سيطرة جماعة الإخوان المسلمين على السلطة، ومن ثم تهديد المصالح الإسرائيلية في المنطقة وتظهر هذه التحليلات أن إسرائيل تخشى أن تنقلب كل حساباتها ومعها الحسابات الأمريكية بالمنطقة في الأفق القريب، خصوصا إذا أدت الاحتجاجات التي اندلعت في مصر منذ أكثر من أسبوع إلى الإطاحة بالرئيس حسني مبارك. واستغرب مسؤولون سياسيون وأمنيون إسرائيليون دعوات الإدارة الأمريكية ودول أوروبية النظام المصري إلى عدم قمع المظاهرات، وعبّروا عن معارضتهم لها، لأنهم يعتبرون أن من شأنها أن توصل الإخوان المسلمين إلى الحكم. فقد كشف وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق بنيامين بن إليعازر في تصريحات له أن أي نظام مصري -باستثناء نظام يخضع لهيمنة الإخوان- سيعتبر معاهدة السلام مع إسرائيل مصلحة مصرية عليا، حتى وإن كانت العلاقات الثنائية فاترة، مؤكدا أن عمر سليمان، نائب الرئيس المصري، متمسك بقوة بهذا الموقف حيث تضمن اختياره تهدئة لأعصاب المسؤولين الإسرائيليين. وشدد بن إليعازر على أن مبارك "قوي بما فيه الكفاية ليصمد في السلطة على الأقل حتى الانتخابات القادمة"، موضحا أنه حتى في حال انتصار مبارك على المظاهرات التي تدعو لإسقاطه فإن "مصر في طريقها نحو عصر جديد". أما رئيس لجنة الخارجية والأمن في الكنيست، شاؤول موفاز، فقال إن أهم ما تخشاه إسرائيل هو إمكان أن تأتي الاضطرابات التي تشهدها مصر بالإخوان المسلمين إلى السلطة، مشيرا إلى أنه "مع التغييرات الجارية في لبنان والتي قوّت شوكة حزب الله، يمكن أن تمثل هذه التطورات تحديا إستراتيجيا كبيرا لإسرائيل". المحلل إيلي بردنشتاين كتب بدوره في صحيفة معاريف أن التخوف الأساسي في إسرائيل ينبع من أن تكون للأحداث الجارية في مصر آثار خطيرة على الأمن في الحدود الإسرائيلية المصرية. وشدد على أن الاضطرابات في مصر ستشجع تهريب السلاح عبر الأنفاق إلى قطاع غزة وتعزز سيطرة حركة المقاومة الإسلامية (حماس) عليه. أما المحلل عميت كوهين في صحيفة "معاريف" فاعتبر أن السيناريو الأكثر احتمالا بعد سقوط مبارك هو أن تفوز جماعة الإخوان بأغلبية ساحقة في أول انتخابات حرة تشهدها البلاد، لأن "عشرات السنوات من قمع المعارضة أبقت في الميدان تيارا واحدا قويا ومنظما هو الإخوان المسلمون". وبناء على هذا التخمين، يتوقع كوهين أن تبتعد مصر عن الغرب والولايات المتحدة وتقترب من حماس وتلغي اتفاقات السلام مع إسرائيل. السفير الصهيوني السابق في القاهرة إيلي شكيد قال إن "هذا سيناريو متطرف ولكنه واقعي"، حتى لو كان الرئيس القادم بعد مبارك هو الرئيس السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية ورئيس الجمعية الوطنية للتغيير محمد البرادعي، مشيرا إلى أن مصر الغد لن تكون مصر اليوم وأن سلام اليوم لن يكون سلام الغد.