حل، أمس، بأرض الوطن على متن الباخرة “طاسيلي2 “، 500 جزائري من أفراد الجالية المقيمة بليبيا، من بين 1300 راكب يمثلون أكثر من 7 جنسيات، مغربيين وموريتانيين وأمريكيين، الذين أكدوا أن ما قدمته الدبلوماسية الجزائرية، خاصة ما تعلق بالجانب الإنساني، لم تقدمه أي هيئة إنسانية دولية بليبيا، وقد كانت شهادات الجزائريين حول الوضع بليبيا متباينا، فمنهم من عاش رعبا من طرف النظام الليبي عند اندلاع شرارة الغضب الشعبي، لا سيما ببنغازي، ومنهم من لم يمسه أذى، خاصة أولئك الذين تربطهم علاقات وأواصر طيبة بالمواطنين الليبيين رعايا أجانب: “نثمّن ما قدمته الجزائر إنسانيا في أزمة ليبيا” صنع، أمس، ميناء الجزائر العاصمة، عبر محطته البحرية الخاصة بنقل المسافرين والأماكن المحيطة بها، خاصة بور سعيد، استثناء خاصا صنعته الباخرة “طاسيلي 2” التي أقلت 1300 راكب من مختلف الجنسيات من الجماهيرية الليبية، وتحول ميناء الجزائر منذ عصر أمس، إلى وجهة لآلاف العائلات الجزائرية من مختلف مناطق الوطن، وهو ما دلت عليه لوحات ترقيم السيارات، خاص من الولاياتالشرقية كسطيف، سكيكدة وعنابة، بالإضافة إلى المصالح المركزية للدولة، من شرطة، درك وطني وحماية مدنية، إلى جانب إطارات وزارة الشؤون الخارجية ممثلة في كاتب الدولة المكلف بالجالية الوطنية بالمهجر حليم بن عطا الله، الداخلية، التضامن والصحة، في انتظار الباخرة التي رست على الساعة السابعة والنصف، فيما تمكن المسافرين من النزول في حدود الثامنة ليلا، وسط الهتافات التي تحيي الدولة الجزائرية على ما قدمته تجاه أبنائها بليبيا، إلى جانب دعوات الوصول إلى أرض الوطن في أمن وسلام. جزائريون طالهم جنون القذافي تباينت شهادات الجزائريين حول الثورة الشعبية الليبية التي تطالب برحيل العقيد معمر القذافي، فمنهم من طالهم جنون القذافي، خاصة عند بداية شرارة الثورة مباشرة، بعد اتهام بعض الجزائريين، خاصة بمدينتي بنغازي والعاصمة طرابلس، بالتحريض ضد نظام القذافي، حسب شهادة المواطن حسين، 43 سنة، الذي كان مستأجرا محل لصناعة الحلويات ببنغازي، حيث قال في شهاداته ل”الفجر”، أنه اقتيد ساعات بعد بروز بوادر الغضب الشعبي إلى مركز الشرطة للتحقيق معه، رغم أنه معروف لدى مصالح الأمن والسلطات المحلية ببنغازي، واستمر التحقيق مع نفس المصدر لأكثر من 10 ساعات قبل أن يخلي الأمن الليبي سبيله، لكن الصدمة كانت قوية يقول المتحدث، لما وجد محله في وضعية يرثى لها بعد أن طالته أيادي التخريب دون غيره من المحلات المجاورة، وهو الأمر نفسه بالنسبة ل”خير الدين”، الذي ينحدر من ولاية المسيلة، الذي أوضح أن اندلاع الأحداث جعل مسؤولي المؤسسة الليبية والإيطالية للبناء يقيلون عشرات الجزائريين، ولم ينته الرعب عند هذا الحد، بل بلغ الأمر بالسلطات الأمنية الليبية إلى نعت الجزائريين بالإرهابيين والمستهدفين لنظام معمر القذافي، حسب شهادات العائدين. وجزائريون حماهم الشعب الليبي وتروي بعض الشهادات التي استقتها “الفجر” من العائدين على متن الباخرة “طاسيلي 2”، أن هناك جزائريين لم يمسهم بطش القوات والعناصر الموالية للقذافي وأبنائه بالعديد من مناطق ليبيا، كالزواية وأجدابيا، بسب المعاملة الجيدة التي تلقوها من طرف الأهالي الليبيين، الذين فتحوا لهم أبواب منازلهم وقدموا لهم الرعاية، حسب شهادة “عبد السلام”، 24 سنة، من ولاية تيزي وزو، في تصريح ل”الفجر “، وقد قال إن أهل منطقة أجدابيا مكنوه من الاتصال بالسفارة الجزائرية بالعاصمة طرابلس، في وقت كانت فيه كتائب القذافي لا ترحم الأجانب، خاصة الجزائريين، وهو الأمر نفسه بالنسبة ل”فتيحة”، التي كانت تشتغل كأستاذة بطرابلس، حيث قالت “لقيت معاملة خاصة من الشعب الليبي بعدما ضاعت مني جميع وثائق هويتي، ولم أشعر أنني جزائرية في ليبيا بعد الأزمة”. وقد عبر العديد من الشباب ببهو ميناء الجزائر، عن انشغالهم لغموض مصيرهم ومستقبلهم المهني بعد تأزم الوضع في ليبيا وعودتهم للجزائر، حيث أشار “فوزي”، 30 سنة، الذي كان يعمل في طلاء السيارات، إلى أنه كان يجني من خلال عمله بليبيا ما معدله 10 ملايين سنتيم سنويا، ما جعله ركيزة أساسية في بيته الصغير والكبير، حسب تصريحه. مغاربة وموريتانيون يشكرون جهود الدبلوماسية الجزائرية بليبيا وتم تسجيل على متن الباخرة “طاسيلي 2” المئات من الرعايا الأجانب، منهم مغاربة و موريتانيون إلى جانب أمريكيين، حيث قال “يزيد”، 42 سنة، من مدينة الناظور المغربية، في تصريح ل”الفجر”، إن الجهود الجزائرية الإنسانية التي شهدتها في ليبيا لم تقم بها أي جهة، بما فيها المنظمات الإنسانية الأممية، ويروي أن السفارة الجزائريةبطرابلس قدمت يد المساعدة للعديد من الجاليات الأجنبية، كوضع قنوات الاتصال وتوزيع المؤونة الغذائية، فيما أفاد الموريتاني “محمد” أن السلطات الجزائرية مكنت العديد من أبناء جنسيته من مغادرة ليبيا، حتى أولئك الذين ضيعوا وثائق هويتهم، والأكثر من ذلك بلغت جهود الجزائر الإنسانية، حسب ما وقفت عليه “الفجر” بعين المكان، تخصيص بعثة طبية ونفسانية لمرافقة هؤلاء، إلى جانب وضع وسائل النقل تحت التصرف و ضمان إقامة الأجانب ريثما يلتحقون ببلدانهم الأصلية. 3800 جزائري و2200 أجنبي غادروا ليبيا باتجاه الجزائر قال كاتب الدولة المكلف بالجالية الوطنية المقيمة بالخارج، حليم بن عطا الله، في تصريح صحفي بميناء الجزائر، على هامش استقبال الجزائريين والرعايا الأجانب الوافدين من ليبيا، إنه تم إجلاء إلى غاية أول أمس الخميس، 3800 رعية جزائري من ليبيا، برا، بحرا وجوا، مضيفا أنه تم إجلاء 2200 رعية أجنبية من 25 جنسية باتجاه الجزائر، ليصل عدد الأشخاص الذين تم إجلاؤهم 6000 شخص بين جزائريين وأجانب. وكانت الباخرة “طاسيلي 2” قد غادرت ميناء طرابلس باتجاه الجزائر يوم الأربعاء وعلى متنها 1300 راكب من بينهم 500 جزائري، و تم إرسالها بأمر من رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة.