قالت ألمانيا العظيمة اقتصاديا في أوروبا إنها نجحت في توفير 400 ألف منصب عمل في العام الماضي. إن هذا الرقم من العمالة يعد عملا جديا في أكبر اقتصاد في أوروبا..! وعندنا قالت السلطات المكلفة بالتشغيل إنها استطاعت أن تدمج 450 ألف شاب في مجال العمل خلال الشهرين الماضيين فقط! ومعنى هذا الكلام أن الحكومة الألمانية فاشلة وحكومة الجزائر أفضل من حكومة ألمانيا بست مرات على الأقل!؟ ومن قال: إن الحكومة الجزائرية غير جادة وغير كفأة وأن البطالة في الجزائر قضية كبرى وأن اقتصاد الجزائر غير قادر على حل معضلة البطالة؟! والحال أن وظائف العمل في الجزائر تفتح أمام الشباب بمعدلات أسرع مما هو في ألمانيا بست مرات..! لقد سمعت وزير البريد الجزائري يقول إن وزارته تبذل مجهودات كبرى من أجل توفير السيولة النقدية في مكاتب البريد عبر الولايات.. لأن البلاد عرفت الأزمة مؤخرا في السيولة النقدية بسبب ما أسماه الوزير الزيادات المهمة في رواتب الموظفين والعمال والمعاشات للمتقاعدين..! وإذا كانت الحكومة تواجه صعوبات في توزيع المال على الناس.. فكيف لا تواجه الصعوبات في إنتاج هذه الثروة؟! المضحك في الموضوع أن الحكومة أمرت مطبعة البنك المركزي بزيادة طبع الأوراق النقدية لمواجهة مشكل السيولة في البريد..! هكذا قال وزير البريد! هل يمكن أن نصدق بأن الاقتصاد الجزائري الذي يواجه معضلة توزيع الأوراق النقدية على المؤسسات المالية والبريد يمكن أن ينجح في توفير وظائف شغل لبطالين عددهم يزيد عن 6 أضعاف ما تقدمه ألمانيا لبطاليها..! أحد الاقتصاديين العارفين بخبايا الأمور في الجزائر قال لي: إن السلطة في الجزائر نجحت في السنوات الأخيرة في تحويل الشعب الجزائري إلى "شعب معاشات" يعيش على التقاعد فلا أحد يعمل في البلاد.. حتى أن أغلب طالبي العمل من الشباب يبحث عن وظيفة عساس وليس عاملا..! ولأن السرقة كثرت فإن الشباب يطلب وظائف العسة أكثر من الوظائف الأخرى؟! في الجزائر النائب يبقى نائبا طوال حياته على مستوى الأجر.. والوزير يبقى وزيرا طوال حياته والمدير يبقى أيضا مديرا مدى الحياة..! وتصوروا عدد المستفيدين من صندوق تقاعد المعينين بمرسوم منذ الاستقلال إلى اليوم..! وهؤلاء هم فقط لهم الحق في الحصول على التقاعد بنسبة %100 حتى ولو لم يساهموا في صندوق التقاعد بفلس واحد..! سوء التسيير الاقتصادي للبلاد هو الواجهة الجميلة لسوء التسيير السياسي للبلاد، فالأحزاب عبارة عن شركات النصب السياسي على المواطنين ذات الشخص الواحد المتحالف أو المتعالف مع نظرائه في السلطة..! والنقابات عبارة عن شركات مقاولة من الباطن لبيع قيادة العمال للعمال لفائدة السلطة والسياسة أحيانا.. ولهذا لا نتحرّج في القول بأن اقتصاد الجزائر أكثر نجاعة في توفير العمل من اقتصاد ألمانيا..! بلادنا نجحت في توفير العمل أكثر من ألمانيا لأن الجزائر عطّلت العمل والتفكير في التنمية وأصبحت تفكّر فقط في كيفية مواجهة الغاضبين في الاحتجاجات الاجتماعية في الشوارع وليس المصانع..!