عمر النادي الرياضي الهاوي لوداد بوفاريك هو 66 سنة ويعود تاريخ تأسيسه إلى سنة 1945. 66 سنة احتضن فيها الوداد رياضات عدة صنعت شهرة المدينة، فكانت حكاية تفوق مقاييس الفوز والخسارة والألقاب والكؤوس.هي علاقة حب لكل الأمجاد والأحلام التي صنعها وكان وراءها أبطال بوفاريك على امتداد السنوات الماضية. فمدينة البرتقال هي عاشقة للكرة البرتقالية دون منازع ما زال أبناء مدينة البرتقال يحتفظون بها اليوم كذكريات لا تقدّر بثمن، وتعد حافزا لجيل شاب، يحمل مشعل من سبقوه. وفي كرة السلة، تملك المدينة مشعلا جعلها تتربع على ميادين هذه الكرة التي نافست وتفوقت على الأقل ببوفاريك على سحر الكرة المستديرة. ويكفي أن تسأل أي واحد من قاطني مدينة البرتقال عن رياضته المفضلة ليجيبك بدون تردد...كرة السلة. “الفجر” ارتأت تسليط الضوء على حكاية المدينة التي تعشق هذه اللعبة، فكانت العودة إلى قاعة موسى شيراف بقلب بلدية بوفاريك البعيدة ب10 كلم عن البليدة، حيث التقينا رئيس فرع كرة السلة لوداد بوفاريك مهناوي خالد، اللاعب السابق للوداد والذي فتح لنا صفحات من تاريخ الفريق، الذي كان من بين الفرق الخمسة التي يعود إنشاؤها إلى سنة 1945 قبل أن تتوقف كل تلك التخصصات بحكم الاستعمار. وفي سنة الاستقلال عام 1962 شهدت عودة الوداد إلى الميادين، فكانت صناعة القاعدة التي امتدت مع كل المؤسسين الذين تعاقبوا على عارضته الفنية في كرة السلة التي تحوّلت إلى الرياضة رقم واحد لأهل المدينة، لا سيما بعد بلوغ العناصر الشابة القسم الأول سنة 1982، والذي لم ينزل منه الفريق بعدها أبدا فكان الفوز بكأس الجزائر ونائب بطل الجزائر لموسم 1986-1987 انطلقت معها بعد ذلك رحلة التتويجات وتنشيط أبرز المنافسات على المستوى المحلي الوطني، العربي، الإفريقي وحتى الدولي، فكان فريق بوفاريك لكرة السلة مرجعا في التكوين القاعدي والأساسي ومدرسة قدمت لاعبين بارزين في كل الأصناف. 400 منخرط في مدرسة التكوين والوداد ممولا للنخبة الهاشمي سينينات، حاجي محمد كيتان يونس ومجيد بلمغار وغيرهم كثير ممن أسّسوا لتقليد كرة السلة ببوفاريك، كانوا ليقفوا اليوم باعتزاز أمام انتساب 400 رياضي من كل الأصناف بدءا من الكتاكيت ووصولا إلى الأكابر إلى هذا الفريق، الذي يحصي بين صفوفه خيرة لاعبيه السابقين ممن اختاروا البقاء لإعطاء تجربة جيل كامل للجيل الشاب، فكان منهم اللاعب المشهور سمير مهناوي وزملائه آيت سعادة علي، مناصر الياس، حكيم خالدي، أمين شنياف، من بين 17 تقني سامي في الرياضة ممن يشرفون على التدريبات بعد أن شرفوا في وقت سابق الجزائر في عدة محافل أبرزها مشاركة الفريق خلال موسم 1997 -1998 في البطولة العربية للأندية بلبنان، حيث احتل الفريق مرتبة ثانية بعد الفريق المضيف، الحكمة اللبناني. وهو ما قال لنا عنه محدثنا خالد مهناوي إنه سيبقى محفورا في ذاكرته على أنها أسوأ ذكرى له بفعل الإجحاف الذي تعرّض له الوداد حينها من قبل التحكيم الذي كان منحازا للفريق المضيف، ومنحه لقبا غير مستحق على حساب الزوار، الذين احتجوا على ما لاقوه في بلد الأرز. الأمر الذي استدعى تدخل الرئيس اللبناني العاشر حينها، فكان اللقاء مع الياس الهرواي في قصر الحكومة بمبادرة من ذات المسؤول الذي استدعى الفريق بكامل تعداده والطاقم المرافق له في اليوم الموالي للمباراة لطلب الاعتذار عن كل ما تعرض له ممثلو الجزائر. وأضاف محدثنا وهو يروي تفاصيل الحادثة أنهم تفاجأوا في اليوم الموالي للمقابلة وفي حدود الساعة السابعة صباحا بعناصر من القصر الرئاسي توقظهم استعدادا لمقابلة الرئيس، الذي طلب الاعتذار منهم شخصيا عن كل ما تعرضوا له ليقين السلطات اللبنانية أن ما حدث كان تجاوزا لكل الأعراف السياسية والرياضية. غير أن المقابل تعكسه صورة شهرة الفريق الذي يلقى الترحاب في كل مكان. ويكفي القول حسب المهناوي عبارات المحبة والتشجيع التي يتلقاها منشطو المباريات من أبناء الوداد عند كل توقف في حواجز التفتيش الأمنية عبر القطر الوطني “فمجرد الكشف عن هويتنا، حتى يكون الرديف مناصرة وحبا تجاوزا بكثير حدود مدينتنا”. ولعل الأمر مردّه لعب غالبية خريجي هذه المدرسة في الأندية والمنتخبات الوطنية، حتى وإن كان فريق الإناث لم يسترجع قسم الكبار وبعد أن توقف تدريب الجنس اللطيف نهائيا سنة 1994 بفعل الإرهاب، إلا أن ذلك لم يثن من عزيمة تنشيط مباريات وبطولتين إفريقيتين خلال سنوات العشرية السوداء بقلب المدينة فكانت معها الفرجة التي انتزعت من رحم القتل والدمار واستضافت معها مدينة البرتقال أياما لكرة السلة.