اليمن “ما بعد صالح”، تحدٍ جديد للسياسة الأمريكية سجل المجتمع الدولي توفقا حول استحالة عودة الرئيس اليمني الذي رحل إلى السعودية من أجل العلاج، وتجمع قيادات الدول الكبرى على أن صالح لن يعود لليمن رئيسا للدولة أو ممارسا لأي نوع من السياسية بعد تماثله للشفاء. ورغم أن الحكومة اليمنية لا تزال تعمل بكل جهد لإشاعة أخبار عودة وشيكة لصالح إلى اليمن، واتجهت الولاياتالمتحدة إلى إعلان حالة الاستنفار القصوى متخوفة من مرحلة ما بعد صالح وصعدت أمريكا من ضرباتها الجوية لمعاقل المتشددين المشتبه بها في اليمن في مسعى لمنعهم من تعزيز نفوذهم في الوقت الذي تترنح فيه حكومة صنعاء، ويقول الخبراء أنه وحتى ولو نجح علي عبد الله صالح في العودة إلى اليمن فإنه لن يكون له أي تأثير كما كان عليه الوضع من قبل لأن صالح يعتبر الآن ميت سياسياً لأن وجوده إذا ما عاد إلى اليمن سيكون شكل خارجي لا قيمة له. تخشى جارة اليمن السعودية والولاياتالمتحدة من إمكانية أن تعم الفوضى اليمن مما يعطي تنظيم القاعدة موطئ قدم كبير وهو ما بدأت تتشكل له ملامح جد خطيرة ولا تزال الهجمات في اليمن على جميع الجبهات سواء في الجنوب التي سبق وأن اندلعت بها حرب أهلية عام 1994 ولا طالما أتهم صالح بإهمال قضياهم حيث تطالب حركة مسلحة بالاستقلال أو حكم ذاتي إقليمي واسع، أو في العاصمة حيث لا يزال يصرخ شباب ثورة التغيير من أجل الحفاظ على مكاسب ثورتهم وعدم سرقتها من المتشددين والصراعات القبلية. هذا وبدأت الولاياتالمتحدة تنظر إلى مرحلة ما بعد حكم صالح بشكل أكثر جد حذر وكشفت صحيفة “نيويورك تايمز” أن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما صعدت ضرباتها الجوية لمعاقل المتشددين المشتبه بها، في مسعى لمنعهم من تعزيز نفوذهم في الوقت الذي تترنح فيه حكومة صنعاء. وأكد مسؤول أمريكي مقتل أبو علي الحارثي، وهو نشط من القيادات الوسطى في القاعدة، في ضربة أمريكية، يوم الجمعة الماضي، وجاء ذلك بعد محاولة استهداف أنور العولقي، زعيم تنظيم القاعدة في جزيرة العرب، في ضربة مماثلة الشهر الماضي. ونقلت “نيويورك تايمز”، عن مسؤولين أمريكيين أن الحملة العسكرية الأمريكية التي تستخدم فيها طائرات بلا طيار وطائرات نفاثة مقاتلة تصاعدت في الأسابيع القليلة الماضية، بعد أن رأى المسؤولون الأمريكيون أن هذه الضربات هي واحدة من الخيارات القليلة المتاحة لاحتواء القاعدة في جزيرة العرب، التي تتخذ من اليمن مقرا لها. وذكرت الصحيفة أنه مع انخراط اليمن في صراعات عنيفة سحبت السلطات القوات اليمنية التي كانت تحارب متشددي القاعدة في الجنوب لنشرهم في العاصمة صنعاء. وفي هذا السياق، يرى “كريستوفر بوسيك”، المحلل في مؤسسة كارنيجي للسلام الدولي، أن العنف في اليمن يمكن أن يزداد قوة أكثر بالنظر إلى مشاعر العداء بين أنصار صالح وأنصار قبيلة الأحمر، التي تزعّم رجالها الجهود الرامية للإطاحة بصالح إذ يقول: “قد يحاول ابنه وأبناء عمومته القضاء على آل الأحمر”، مضيفاً “إن قوة النظام تكمن في الفرعين الأمني والعسكري، والأشخاص الذين يتقاتلون، وإلى أين يذهبون؟ والواقع أنهم قد يفكرون في أن خيارهم الوحيد هو القتال”. ويوافق “جريجوري جونسون”، الخبير في اليمن بجامعة برينستون، على أن الخطوات المقبلة غير واضحة إذ يقول: “ماذا سيحدث لعائلته؟ وهل ستنهار قواته؟ ومن سيقوم بسد الفراغ؟”، مضيفاً “في هذه المرحلة، لا توجد خارطة طريق أو شخص طموح جداً ليصعد إلى الواجهة”.