فقدان أستاذة لجنينها في الشهر الثالث إثر نزيف دموي أقدم، أمس، بعض الأساتذة المتعاقدين على محاولة الانتحار جماعيا، أمام وزارة التربية الوطنية؛ حيث ألقى هؤلاء بأنفسهم تحت عجلات السيارات الأمر الذي استدعى تدخل زملائهم وإنقاذهم، ولم تجد قوات مكافحة الشغب والشرطة التي كانت تراقبهم بعدما غلقوا الطريق إلا تفريقهم بالضرب مما تسبب في فقدان أستاذة لحملها إثر إصابتها بنزيف دموي حاد، بالإضافة إلى إغماءات بالجملة وجرح العديد منهم. لم يكن يتصور الأساتذة المتعاقدون، المعتصمون منذ قرابة أسبوعين أمام ملحقة وزارة التربية الوطنية (مصلحة المستخدمين) بالرويسو بحسين داي، أن يكون مصيرهم أمس، في أول يوم دراسي، وبدل أن يكونوا داخل أقسامهم يبدأون أول درس للموسم الدراسي 2011-2012 وجدوا أنفسهم في مواجهة قوات مكافحة الشغب وأفرد الشرطة من كل حدب وصوب، التي عمدت إلى تفريقهم بالقوة، بعدما نفد صبرهم على مدار قرابة أسبوعين من الاعتصام، حيث أقدم البعض منهم على إلقاء أنفسهم في محاولة انتحار جماعية تحت عجلات السيارات المارة على الطريق المحاذي لملحقة وزارة التربية الوطنية، مما تسبب في غلق هذا الأخير أمام حركة السير عندما حاول زملائهم إنقاذهم أمام دهشة المواطنين ممن كانوا هناك، وسط صراخ وهستيريا الأستاذات وبينهن 4 حالات إغماء بسبب الفوضى التي حدثت آنذاك بسبب التدافع والمشادات مع قوات مكافحة الشغب وأفراد الشرطة الذين شرعوا في دفع المحتجين وضربهم، ما أدى لسقوط العديد من الأساتذة المتعاقدين على الأرض والرصيف والتعرض لكدمات، ومنهم من تم نقله إلى المستشفى بسبب الإصابة وهو حال أستاذين تم نقلهما إلى المستشفى الجامعي مصطفى باشا، كما تعرضت أستاذة حامل في شهرها الثالث نتيجة للضرب هي الأخرى إلى نزيف دموي حاد تم نقلها إثره على وجه السرعة إلى أقرب عيادة، لكنها فقدت حملها بسبب مضاعفات صحية. وقال الأساتذة المتعاقدون في تصريح ل”الفجر” أن الأمور “انفلتت في حدود الساعة العشرة صباحا لما أقدمنا على قطع الطريق وغلقنا الشارع وبادرنا بترديد الشعارات والهتافات بضرورة الإدماج، وقام بعضنا بإلقاء نفسه تحت عجلات السيارات بمجرد اقترابها منه في محاولة انتحار جماعية جعلت الجميع ممن كانوا هناك مشدوهين غير مصدقين، لنقوم بعدها رفقة الزملاء بسرعة بجذبهم وإبعادهم عنها، في تلك الأثناء تدخلت قوات مكافحة الشغب وقوات الشرطة لإخلاء المكان وتفريقنا حيث استعملت الضرب واعتدت علينا بقوة مما جعل العديد منا يصاب بكدمات، ومنا من نقل إلى المستشفى لتلقي العلاج، كما تعرضت أستاذات زميلات إلى إغماء ومنهن من تعرضن إلى انهيار عصبي، واحدة تم نقلها وهي في حالة حرجة تعاني من نزيف دموي حاد وهي حامل في شهرها الثالث فقدت جنينها نتيجة مضاعفات صحية”. في السياق ذاته ندد رئيس المكتب الوطني للأساتذة المتعاقدين، كباش محمد، في تصريح ل”الفجر”، بما تعرض له رفقة زملائه من استعمال العنف والقوة، وكان من بين الوفد المفاوض الذي دعاه مدير الموارد البشرية بوزارة التربية الوطنية للتفاوض والنقاش “بعد أخذ ورد ونقاش جاء جوابه: لقد استدعيناكم لما كنا في حاجة إليكم والآن لا يمكن أن أفعل لكم شيئا.. شغلناكم ودفعنا لكم أجوركم وليس عندي حل”. وتابع قوله “كما ذكر مدير المستخدمين بأن الإدماج يكون حسب ما قررته وزارة التربية وأنا هنا لأطبق القانون”، معلنا (دائما مدير مصلحة المستخدمين) “سيكون لنا لقاء اليوم (أمس) في حدود الساعة الثالثة زوالا مع مسؤولي المديرية العامة للوظيف العمومي لمناقشة هذا المشكل”. وقصد الحصول على توضيحات أكثر اتصلت “الفجر” أمس بمدير المستخدمين لوزارة التربية الوطنية هاتفيا، إلا أن كل المحاولات باءت بالفشل حيث لم نتمكن من ذلك. وجاء في بيان صادر عن المكتب الوطني للأساتذة المتعاقدين المنضوي تحت لواء النقابة الوطنية لمستخدمي الإدارة العمومية أنه “بعد أسبوعين من الاحتجاج ودخول الأسبوع الثالث وبعد الظروف المزرية التي يمر بها الأساتذة ونظرا لمبيتهم في العراء ثلاث ليال متتالية وتسجيل حالات صحية خطيرة لبعض الأساتذة، لم تستجب الوزارة الوصية وضربت بمطلبنا عرض الحائط رغم أن قرار الإدماج رئاسي، وأمس حاول ثلاثة أساتذة منهم أستاذتان الانتحار وذلك برمي أنفسهم في الطريق العام أماك السيارات المارة، فتدخل الأساتذة والبالغ عددهم أكثر من 250 أستاذ قدموا من مناطق عدة للتدخل لإنقاذهم حيث قاموا بإغلاق الطريق وبعدها تدخلت قوات الأمن لتفريق الأساتذة وتعاملت معهم بعنف”. ويضيف البيان “حيث أصيبت أربع أستاذات بانهيار عصبي وتم نقلهن إلى المستشفى، كما تم الاعتداء على أستاذة حامل فقدت إثره جنينها وهي مازالت ترقد في المستشفى. وبعدها قرر مدير الموارد البشرية بالوزارة استقبال أعضاء المكتب الوطني وبعد التشاور قرر المكتب أنه لا تفاوض بعد الآن ومطلبنا الأساسي هو الإدماج دون قيد أو شرط خاصة بعد تصريح مدير الموارد البشرية بالوزارة بأن هذه الأخيرة كانت بحاجة لخدماتنا وتم استغلالنا مقابل أجر تلقيناه مقابل هذه الخدمات، رغم أن منهم من قضى 14 سنة في التعليم. وبعد هذا قرر المجلس تصعيد الحركة الاحتجاجية ونقلها إلى أماكن أخرى حيث تلقى آذانا صاغية لدى المسؤولين والتشديد على مطلبها الوحيد هو الإدماج دون قيد أو شرط”.