تجري الأشغال هذه الأيام على قدم وساق تحضيرا للندوة ال 19 لوزراء الصناعة الأفارقة، المنتظرة شهر مارس المقبل بالجزائر العاصمة. وتجري في الكواليس صراعات محتدمة بين الصين والاتحاد الأوروبي لضمان مكانة إلى جانب واشنطن التي ضمنت الأولوية في كعكة مشاريع القارة السمراء. تقول مصادر من مبنى وزارة الصناعة والمؤسسات الصغيرة والمتوسطة، إن الصراع التجاري بين الصين وأوروبا، لا يمتّ بصلة لطموحات الجزائر الهادفة لإقامة صناعات محلية وتوطين الإنتاج؛ وبدل التفكير في التحويل التكنولوجي، تتنافس هذه القوى على تسويق منتجاتها، والفوز بصفقات البناء والأشغال العمومية في مختلف القطاعات، لا سيما القطاعات الحيوية خارج المحروقات ومشاريع الطاقات البديلة، تحضيرا لمرحلة ما بعد البترول، وتنمية مداخليها السنوية، مع تعبئة أرصدتها المالية والتجارية على حساب الجزائر، رغم استفادة هذه الأخيرة من الهياكل القاعدية، غير أن التكنولوجيات والتجهيزات تبقى حكرا على هذه القوى من دون استفادة ولا تدريب الكفاءات الجزائرية في ذلك. وبالنسبة للصراع القائم حاليا بين هذه القوى، لا سيما بعد أن تشتت طموحات وأهداف الاتحاد الأوروبي بسبب انقسام التفكير الداخلي وظهور أزمات الديون بعدد من الدول، مع وجود مزاعم للسيطرة والاستعمار الاقتصادي، مثلما تقوم به فرنسا في ليبيا، لتعويض خسائرها. الأطماع تتجه إلى ليبيا حاليا وتضيف مصادرنا، في حديثها عن هذه الوضعية التي تعيشها الجزائر تجاريا واقتصاديا، فإن التنافس يشتد مع اقتراب ندوة وزراء القارة السمراء المزمع إجراؤها في شهر مارس المقبل في دورتها ال 19، حيث تعتبر هذه المصادر أن الفرصة مواتية جدا لتؤكد الصين وأوروبا تحكّمها في سوق القارة وقدرتها على ترويض رؤسائها. وتهتم أكثر هذه القوى بالأسواق الناشئة وحجم الاستهلاك، بالموازاة مع وضع استراتيجيتها التسويقية ضمن أولويات تعاملاتها مع الخارج، لذلك تجدها تتهافت على أسواق إفريقيا، وتنظر إلى الجزائر على أساس أنها بوابة تجارية تفتح لها آفاق التصدير والترويج لسلعتها نحو باقي دول القارة. وبنفس النظرة أيضا تنظر هذه القوى إلى المغرب وتونس، وليبيا حاليا بعد سقوط نظام القذافي. وعن علاقة هذا الصراع بواشنطن وفي ندوة وزراء الصناعة المقررة شهر مارس القادم، تقول مصادرنا إن واشنطن ضمنت مكانتها في الجزائر، وهي خير حليف لنا في الوقت الراهن، كون التفكير الأمريكي يقوم على أسس تجارية ولا طموح استعمارية لديه، رغم ما قامت به واشنطن من تحركات “تحررية” كما تسميها للإطاحة برؤوس الحكام العرب الخارجين عن طاعتها، إلا أن المصرّحين بالولاء لها، لن يمسهم الضرّ والأكثر من ذلك تدافع عن مصالحهم وتُصعد لأجلهم من أجل إبعاد الضغوط الأوروبية، المستعمر التاريخي للعرب، كما أن واشنطن وفي تدخلاتها العسكرية لا تطمع إلا في النفط العربي ومخزون الثروة الباطنية، عكس تفكير أوروبا في ذلك.