في الوقت الذي تبدل فيه مديرية النقل بجيجل جهودا لضمان حسن تسيير القطاع ، فإن الخدمات المقدمة للمواطنين في هذا المجال لاتزال دون المستوى المقبول والمأمول، نتيجة تصرفات بعض الناقلين الدالة على تجاهلهم لأخلاقيات المهنة ومتطلباته، وسيطرة الهوى على نفوسهم، إذ يبقى همهم الوحيد مركزا على جمع كيس من الأموال يوميا دون إهتمامهم بتقديم أدنى الخدمات المرموقة التي تريح المسافر، سواء على مستوى المراكز الحضرية الكبرى كجيجل والميلية والطاهير، أوعلى مستوى الخطوط التي تربط بينها وبين البلديات ال25 الأخرى. بالرغم من أن المعطيات التي جمعناها من مصلحة النقل البري تشير كلها إلى أن القطاع المذكور بالولاية بخير، وأن النظام الذي يسير عليه حاليا قد قضت على نسبة كبيرة من السلبيات والنقائص التي كانت تنخر جسده ، وأن كل المناطق صارت مغطاة، إلا أن الواقع الذي رصدناه من المواطنين في العديد من محطات النقل يدل دلالة واضحة على أن المسافرين لايزالون يعانون في هذا الشأن بولاية يقارب عدد سكانها 800 ألف نسمة، حيث يلاحظ في المحطات أو النقاط المخصصة كمواقف تدافع عشرات الموطنين من أجل الظفر بمقعد في الحافلة، سيما في الأوقات الخاصة بدخول أوخروج العمال والتلاميذ من مؤسساتهم، وهي المناظر والديكورات التي ظن الجميع أنها صارت تاريخا مع خوصصة قطاع النقل. وعلى صعيد متصل، أوضح لنا عديد المواطنين بمحطة الميلية التي تعتبر همزة وصل بين البلديات الشرقية للولاية بأن الخدمات المقدمة لهم صارت في الحضيض الأسفل، بسبب السلوكات المشينة لبعض الناقلين، الذين لايحترمون القوانين المنظمة لمهنتهم ويتصرفون وكأنهم في ضيعهم الخاصة، رغم أنهم ينتمون لقطاع له دفتر شروطه لأسباب لخصتها مصادرنا في سوء المعاملة وقلة الانضباط من حيث الوقت فالتنقل داخل مدينة جيجل من شارع أول نوفمبر إلى كونشفالي يتطلب أكثر من نصف ساعة، والتنقل من حي المريجة إلى مستشفى الميلية كما تقول مصادرنا يتطلب في بعض الأحيان 25 دقيقة على مسافة لاتزيد عن 3كلم، بسبب مبالغة الناقلين في وقت التوقف بغرض ضمان ركوب أكبر عدد ممكن من المواطنين، فضلا عن غياب النظافة، نتيجة انتشار الأوراق والفضلات والأتربة والروائح الكريهة، ناهيك عن التحرشات والمعاكسات التي يتعرضن إليها الفتيات الراكبات، وفي هذا الصدد يقترح المواطنون الذين تحدثنا إليهم على مديرية النقل تنظيم حملات رقابية فجائية على الناقلين، سيما الذين ينشطون عبر الخطوط البعيدة عن أعين الرقابة. ومن الحالات التي سجلناها على مستوى قطاع النقل بالولاية أيضا، حرمان العديد من القرى من النقل، إذ مازالوا يعيشون تحت رحمة "الفرود" ، الذين طبقوا سياسة ملء الفراغ على كل المواطنين الذين يقطنون في المناطق غير المربوطة بخطوط النقل داخل إقليم الولاية جيجل. وليس أدل على ذلك من الوضعية المزرية التي يحياها سكان بومعد، المسايكة، تافرطاس وبني ميمون ببلدية أولاد يحي خدروش الذين حرموا من النقل بسبب عدم تهيئة طرقات تلك المناطق وهو ماينطبق على عديد القرى ببلدية أولاد رابح وسيدي معروف، كبوطويل وقرايو والعناب والريشية، وتيراو وبني صبيح ببلدية السطارة التي تحتضن تجمعات سكانية هائلة ولكن لاتزال محرومة من النقل، والحل بحسب سكان هذه المناطق هو مراعاة السلطات الولائية لوضعية البلديات النائية ودعمها ماليا أكثر من غيرها من البلديات من أجل استدراك التأخر المسجل على مستواها في الجانب التنمو، سيما في ميدان الطرقات الذي يسمح باستحداث خطوط نقل جديدة نحو مختلف قرى وأرياف الولاية ومن ثم تشجيع الناقلين على العمل في كل المناطق التي كانوا يرفضونها بسبب إهتراء طرقاتها ومسالكها. وحسب آراء كل المواطنين الذين استجوبناهم بخصوص الأسعار المطبقة في قطاع النقل، فإنهم اتفقوا على أن أسعار الخطوط التي تربط بين المراكز الحضرية الكبرى وهي الميلية والطاهير وجيجل تعتبر معقولة وفي متناول الجميع إذ أن المواطن لا يدفع سوى60دج للتنقل مثلا من الميلية إلى عاصمة الولاية، غير أن الطامة الكبرى تكمن في الأسعار المطبقة على مستوى الخطوط التي تربط بين الدوائر الكبرى وباقي بلديات الولاية وخاصة التي كانت توصف بالمنعزلة، حيث صرح مواطنون من بلدية غبالة المتاخمة لولاية سكيكدة بأنهم يدفعون 60 دج كاملة للناقلين للوصول لمدينة الميلية على مسافة لاتتعدى 20كلم، والحل حسب المواطنين يكمن في ضرورة تحرك مديرية النقل من أجل اعتماد أسعار جديدة عقلانية تراعي مصالح الناقلين لكنها لا يجب أن تثقل كاهل المتنقلين وحجتهم في ذلك أن الأسعار المحددة حاليا تم إعتمادها لما كانت وضعية أغلب الطرقات البلدية كارثية عكس وضعيتها الآنية الجيدة. وترى مديرة النقل لولاية جيجل أن انشغالات المواطنين في محلها ، خاصة وأن هناك عديد الناقلين يتجاوزون القانون، وهو ما جعل المديرية تتخذ إجراءات ردعية في حقهم في الكثير من المرات، ودعت المديرية المواطنين التقرب من مصالحها لتقديم أي تظلم يذكر بغرض وضع حد لتلاعبات ناقلين وتحسين وضعية النقل بالولاية