شهد محيط مجلس الشعب المصري، أمس، ليلة مواجهات دامية بين المحتجين المعتصمين منذ عدة أشهر للمطالبة بتسليم الجيش المصري مقاليد الحكم إلى سلطة مدنية. وحسب تقارير وكالة رويترز للأنباء فقد اضطرت قوات الشرطة العسكرية لرشق المحتجين من فوق أسطح مبنى مجلس الشعب بالحجارة وحتى بالأثاث لتفريق المحتجين الذين أشعلوا النار في عدد من السيارات وألقوا حجارة على قوات الشرطة العسكرية في ساعة مبكرة من صباح الجمعة بعد انتشار شائعات عن احتجاز أحد المعتصمين أمام مقر مجلس الوزراء وتعرضه لضرب مبرح. أضحى مجلس الشعب المصري يمثل الحلقة الأكثر أهمية في المشهد المصري، فمن الناحية السياسية، أكدت النتائج الأولية للمعركة الانتخابية استحواذ حزب العدالة والتنمية الإخواني على نصيب الأسد في مقاعد البرلمان، بينما لاتزال تسود أجواء من الترقب الحذر بين التيارين الإسلامي والليبرالي في مصر. طفت على المشهد السياسي مؤخرا حالة من الجدال الحد حول صلاحيات البرلمان المصري القادم وهو ما يثير حفيظة التيار الإسلامي الذي يجد من إصلاحات المجلس العسكري محاولة لتحجيم دور البرلمان. ميدانيا، نقلت وكالات الأنباء المصرية عن شهود عيان قولهم إن الشرطة أطلقت طلقات تحذيرية في الهواء بعد الفجر بقليل لتفريق نحو 300 متظاهر تملكهم الغضب من صور نشرت على الانترنت لشاب يدعى عبودي إبراهيم ومن حوله جمع من الناس يسندونه وقد امتلأ وجهه بالسحجات وتورمت عيناه. وقال طبيب في مستشفى ميداني لعلاج المتظاهرين المصابين “الشائعات تقول أنهم ضربوه ضربا مبرحا وإنه في المستشفى، هذا دفع الناس للنزول للاحتجاج”. وقال مصدر أمني إن العديد من الأشخاص أصيبوا بجروح في الاشتباكات لكن لم يتوافر تعليق من جهة رسمية على العنف. وأظهرت مقاطع فيديو تم تداولها على الانترنت رجالا مجهولين يلقون الحجارة على المتظاهرين من أسطح المباني. وقالت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية المصرية إن النيران اشتعلت في مبنى حكومي قريب من مجلس الوزراء واستمرت الاشتباكات حتى الصباح. واحتل المتظاهرون منطقة خارج مجلس الوزراء منذ شهر نوفمبر الماضي ما اضطر الحكومة الجديدة إلى عقد اجتماعاتها في مكان آخر. وعبرت النخب السياسية المصرية عن استيائها من الطريقة التي تم بها فض اعتصام مجلس الشعب. رفض الدكتور محمد البرادعي، المدير السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية والمرشح المحتمل للرئاسة، فض اعتصام مجلس الوزراء بالقوة، معتبرا استخدام القوة المفرطة، والتي وصلت لحد “الهمجية” و”الوحشية”، على حد وصفه، مخالفة لكافة القوانين الإنسانية. من جهته، أعلن الدكتور معتز بالله عبد الفتاح، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، استقالته من المجلس الاستشاري قائلا: “سأستقيل (وقد يلحق بى آخرون) من المجلس الاستشاري احتجاجا على هذا العنف غير المبرر من الشرطة العسكرية ضد المعتصمين المسالمين”. وقال الدكتور أيمن نور، مؤسس حزب الغد والمرشح المحتمل للرئاسة، تعقيبا على الإفراج عن نجله نور المعتقل خلال عملية الكر والفر أمام مجلس الوزراء على خلفية محاولة فض الاعتصام بالقوة، “المطلوب بعد الإفراج عن ابني نور بعد الاعتداء عليه بالضرب واحتجازه بمجلس الشعب هو الإفراج عن مصر وإسقاط حكم العسكر، لا لبلطجة العسكر”.