حسناوات عازبات يستفدن من شقق في ظرف شهر سكنات بأسماء وهمية لا يُعرف أصحابها
تهدّد احتجاجات السكن أمن غالبية ولايات الوطن، في وقت تحصي فيه الجزائر مليون شقة فارغة عبر ولايات الوطن يملك غالبيتها مسؤولون نافذون وعائلاتهم، يقيمون هم في فيلات ضخمة، ويحتفظون بهذه الشقق فارغة، غير آبهين بعائلات تفترش الأرض وتلتحف السماء. أشعلت أزمة السكن فتيل احتجاجات الشارع، خلال العام المنصرم وبداية العام الجاري عبر مختلف ولايات الوطن، لدرجة التصادم مع قوات الأمن، وتحول الإفراج عن قائمة المستفيدين من السكنات من نعمة إلى نقمة في ظل شكاوى المواطنين بإقصاء المحتاجين الفعليين ومحاباة آخرين لا يتوفرون على أدنى الشروط، كالإقامة بالبلدية محل الاستفادة مثلا. ما يثير الانتباه فعلا، أن مبادرات الدولة لم تمتص المشكل، رغم الصيغ السكنية المتعددة التي تضمنها البرنامج الخماسي التنموي لرئيس الجمهورية، للقضاء على البيوت القصديرية، وتمكين المواطن من سكن لائق، والأكثر برامج الترحيل الكثيرة، التي باشرتها السلطات الأشهر الأخيرة. وكشف خبراء اقتصاديون، أن أزمة السكن في الجزائر “مفتعلة”، مقدرين عدد السكنات الشاغرة مع نهاية 2011، بمليون شقة فارغة عبر مختلف ولايات الوطن يملك غالبيتها مسؤولون نافذون إلى جانب عائلاتهم، حيث يقيم “صاحب السمو” في فيلا ضخمة بأرقى الأحياء، ويحتفظ بشقق فارغة بعدة ولايات عبر الوطن مغلقة وغير مستغلة يرفض في الكثير من الأحيان تأجيرها، لأنه يخاف من عبث المستأجر بعد أن قام بإعادة تهيئتها بالملايين. وحسب مصادر “الفجر”، تتوفر العاصمة على عدد كبير من الشقق المغلقة على مستوى عدد كبير من بلدياتها، سيما على مستوى عين النعجة وبلدية القبة بالجزائر العاصمة، كما تعج ولاية البليدة بعدد كبير من هذه الشقق كما هو الحال بديار البحري ببني مراد، وتعتبر ولاية مسيلة التي تفجرت بها احتجاجات السكن مؤخرا من الولايات التي يحظى فيها المسؤولون بامتيازات كبيرة من الشقق، ويشتهر حي 5 جويلية بوجود شقق فارغة لبعض المسؤولين، يقطنون بالعاصمة بفيلات بزرالدة وسيدي فرج. وأضافت مصادرنا أن الأمر لا يتعلق بمسؤولين تم تحويلهم بين الولايات في إطار مهام العمل كالولاة وغيرهم ممن يستفيدون من سكنات جديدة؛ بل بمسؤولين يزاولون مهامهم بالعاصمة ويستغلون نفوذهم في الحصول على سكنات جديدة بولايات أخرى، ولاسيما بمسقط رأسهم، فضلا عن التوسط لعائلاتهم ومعارفهم. وحول الشكاوى المتكررة من وجود دخلاء في قوائم توزيع السكنات، أكدت مصادرنا المطلعة، أن توزيع السكنات يتم في كثير من الأحيان بطرق ملتوية، ويحظى العنصر النسوي بأهمية خاصة جدا، سيما الحسناوات، مؤكدا أن فتح تحقيق سيكشف فضائح من العيار الثقيل، كاشفة عن حسناء عازبة استفادت مؤخرا من شقة بأربع غرف بعد أسابيع قليلة جدا من إيداع ملف الاستفادة بعين البنيان، والحالات كثيرة. وطالبت مصادرنا الوصاية بفتح تحقيق عاجل في تجاوزات خطيرة، خاصة على مستوى بلديات الولايات الكبرى، كالعاصمة وهران وقسنطينة، البليدة، حيث توجد أحياء سكنية شبه فارغة، أصحابها ليسوا في حاجة لها، لتبقى مغلقة على مدار العام. سكنات بأسماء وهمية.. ولا أثر لمالكيها الأصليين في رحلة المحاكم في السياق ذاته؛ كشفت مصادر مطلعة من الديوان الوطني للتسيير العقاري، أن مئات الشقق عبر ولايات الوطن مسجّلة بأسماء وهمية، وتعتبر عبن النعجة والقبة نموذج صارخ للعدد الكبير للشقق الفارغة، حيث يتعمد بعض المسؤولين الحصول على عدد من الشقق بأسماء غير موجودة، للاستفادة منها عند الحاجة. وذكرت مصادرنا بعض بلديات بالعاصمة على سبيل المثال لا الحصر، مثل عين النعجة التي تتوفر على قرابة 200 شقة فارغة مغلقة، كما تتوفر القبة ودالي إبراهيم وبلديات أخرى على عدد معتبر من الشقق المغلقة، مستدلة بحي 720 مسكن وحسب بعض العائلات التي تقيم بهذه السكنات بدون وثائق منذ سنوات طويلة، والتي طالبتها السلطات المحلية مؤخرا بإخلاء هذه السكنات بحجة أن أصحابها الأصليين يريدون العودة لها، لتتمكن من إخلاء بعض الشقق بالقوة العمومية وتحكم بالطرد على عائلات أخرى، وتبقى عائلات أخرى لم تتنبه لها السلطات تدعو الله أن تبقى بعيدة عن الأنظار. وقالت العائلات، التي دردشت معها “الفجر”، بعين النعجة أنها طالبت من الوصاية تسوية وضعيتها ومنحها حق الاستفادة، خاصة وأن تتوفر على كل الشروط المنصوص عليها قانونا، ونجحت كثير من العائلات، التي تملك نفوذ من الحصول على عقد ملكية، مؤكدة أن أصحاب السكنات لم يظهر لهم أثر منذ سنوات، رغم إحالة القضية على العدالة، مستغربين من صمت هؤلاء على شققهم كل هذه السنوات، إن كانوا موجودين فعلا. وأفادت ذات العائلات أن إحدى الشقق التي تم إخلاؤها منذ أسابيع، ما زالت فارغة لحد الساعة، مستغربين من رفض السلطات لطلبات التسوية التي تقدموا بها، رغم حقهم في الحصول على سكن بعد إيداعهم طلبات الاستفادة منذ عدة سنوات، ويملكون أطفالا، ليجدوا أنفسهم مشتتين بين الأهل والأقارب. وناشدت العائلات المتضررة على مستوى بلديات العاصمة، خاصة عين النعجة، والقبة، الوزير الأول أحمد أويحيى، ووزير السكن نور الدين موسى، التدخل العاجل لكشف التجاوزات، وتسوية وضعيتهم لأنهم أحق بالاستفادة، خاصة بعد ترميم هذه الشقق، مضيفة أنهم حاولوا تجميع صفوفهم لكن رفض بعض العائلات، التي مازالت بعيدة عن المتابعة القانونية لإخلاء السكنات، إعاقتهم.