ألقت أزمة الغاز والكهرباء التي تعصف منذ عدة أشهر بالفلسطينيين من سكان قطاع غزة، على المشهد السياسي الفلسطيني بعد أن اتسعت دائرة الخلافات بين حركتي حماس وفتح حول أسباب الأزمة، متهما كل طرف منهما الآخر بافتعالها، مما جعل من مبادرات المصالحة الفلسطينية تعود إلى نقطة الصفر، واستغل الكيان الصهيوني الأزمة لتأليب الشعب الفلسطيني ضد قادته السياسيين عبر الضغط بملف الضرائب. فشلت حركة حماس التي تدير شؤون الحياة في قطاع غزة، من التوصل إلى حل أزمة الغاز والكهرباء التي يعاني منها القطاع منذ ما يزيد عن الستة أشهر، مع رفض السلطات المصرية الإسراع في حل الأزمة ورفضها الالتزام بالوعود التي قطعتها في هذا الشأن. وفي تصعيد خطير في التصريحات بين حركتي حماس وفتح، اتهم كل طرف الآخر بافتعال الأزمة والسعي إلى تعقيدها عبر خلق ورقة جديدة للضغط السياسي، وقد وصل الأمر إلى اتهام قادة حماس السلطة الفلسطينية والرئيس محمود عباس بالتعاون مع جهات خارجية ومع الاحتلال بمسؤوليته عن حصار قطاع غزة، ووضع عقبات أمام إدخال الوقود إلى القطاع، ما دفع قادة فتح في الضفة إلى نفي هذه الاتهامات وتحميل قيادات حماس مسؤولية تعطيل عجلة المصالحة لمصالحهم الشخصية. وأوضح تقرير وكالات الأنباء الفلسطينية، أن الأزمة الحادة واستمرار انقطاع الكهرباء على القطاع أدى إلى وفاة العديد من الأطفال حديثي الولادة في المستشفيات نتيجة توقف الحضانات الآلية مع ارتفاع درجة الحرارة، كما تعطل أكبر مولد للطاقة في قطاع غزة الذي تم تشغيله قبل يومين بسبب الكمية المحدودة من الوقود الإسرائيلي، والتي جرى توفيرها عن طريق معبر كرم أبو سالم. كما ناشدت جميع الأطراف اتخاذ الإجراءات الفورية لحل أزمة الوقود بشكل دائم ومتواصل، حيث أن التشغيل والإطفاء المتكرر لمحطة التوليد يضرها من الناحية الفنية ويربك العمل في معداتها. من جهتها، قررت إسرائيل فرض عقوبات على السلطة بينها وقف تحويل أموال الضرائب والبالغة نحو 520 مليون شيكل إسرائيلي، شهريا أو تعليق مشاريع اقتصادية مشتركة، وذلك احتجاجا على قرار مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة، الذي سبق وأن قام بتشكيل لجنة تحقيق دولية للنظر في المستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، الذي تقدمت به السلطة الفلسطينية، مما يزيد من حدة الضغط على القادة السياسيين الفلسطينيين الذين يواجهون أكبر اختبار اقتصادي في مسيرتهم، خصوصا في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها دول الجوار تحديدا منها مصر وسوريا. كما استغلت سلطات الكيان الصهيوني ورقة الغاز والكهرباء للضغط وبقوة على حركة حماس، وحمل الوزير الإسرائيلي سيلفان شالوم حركة حماس المسؤولية عن تفاقم أزمة الوقود في قطاع غزة، قائلا أن إسرائيل كانت على استعداد لنقل المزيد من الوقود إلى القطاع، ولكن حماس تعارض ذلك. وقال في تصريحات ل”راديو إسرائيل ” أمس: ”حماس تسعى للإبقاء على نشاطات التهريب عبر الإنفاق لأنها تصب في مصلحتها الاقتصادية، فإنها تجني أرباحا طائلة من عمليات التهريب والسوق السوداء في المكان”.