اتخذ من الفن التشكيلي مجالا لإنتاج أعمال كثيرة أبرز عبرها إبداعه الفني في الرسم وذوق اللوحة، وخلق طابع خاصا به استطاع من خلاله العمل على ما هو قديم وحديث في أن واحد، رغم جملة المشاكل التي تقف حجرة عثرة في وجه تطور هذا الفن في الجزائر، إنه الرسام التشكيلي كريم سرقوة في حوار ل”الفجر” متحدثا عن هذا الموضوع. بداية هل لك أن تقدم لمحة حول ما تتناوله في أعمالك التشكيلية؟ بما إنني أعشق كثيرا التراث الوطني فبالطبع معظم أعمالي التي أشتغل عليها يكون مصدرها التراث الجزائري الغني والثري انطلاقا من عديد الأشياء المكونة له كالحلي، الزوايا، المساجد والهندسة العربية الجزائرية، الطبيعة الصحراوية، بالإضافة إلى كل ما هو تقليدي من لباس وطعام ونسيج، وهذا لا ينفي أنني لا أتخذ من بعض الأمور العصرية التي تميز حياة الإنسان اليومية موضوعا لأعمالي كالحافلات، طريقة كلام الناس، لوحات الإشهار، والتي ربما بعض الفنانين التشكيلي قد يعتبرونها مجرد أشياء لا ترقى لأن تكون عملا فنيا لكن بالنسبة لي فهو موضوع مهم يجب التطرق إليه من جميع الزوايا دون حصره في زاوية واحدة. بعيدا عن اللوحات الفنية، هل هناك طرق تعبيرية أخرى تستعين بها لتقديم أعمالك؟ لا أعتمد في الرسم على اللوحات فحسب بل أتعداها إلى الرسم على مجموعة من العناصر المادية على غرار الحطب، جدرايات، البلاستيك، ومواد أخرى مهما كان شكلها دائرية مستطيلة، مائلة فلا يهم ذلك، المهم أن أقدم عملا فنيا هادفا، كما أنني أقوم بصناعة السينوغرافيا التي استلهمتها من حركات المسرح وهو بالفعل أمر مشوق يدعو إلى التفكير والابتكار، وبالتالي فالفن التشكيلي الواسع أعطى لنا هذا المجال المفتوح بهدف التعبير بمختلف الوسائل والذي يكون أحيانا واجبا حتى لا يبقى رهين الرتابة والملل. هل ترى اهتمام من قبل الجمهور لهذا النوع من الفنون حاليا؟ اهتمام الجمهور بهذا النوع من الفنون، لازال بعيداً ولم يرق للمستوى الذي نطمح إليه، نتيجة عدة مشاكل وصعوبات لم تسمح من بروزه وتطوره بشكل يلفت الانتباه على غرار نقص القاعات والتوزيع والنشر، لذا تبدو النظرة عموما غير مبالية به لكن تتسم بالإيجابية ويرجع ذلك إلى كون الجمهور بمختلف شرائحه في محاولة البحث والتساؤل بطريقة أو بأخرى عن الحيثيات الخاصة به من الأساليب التي يعتمدها في صناعة العمل، الإمكانات التي يقوم عليها وكذا أهدافه المرجوة، وهو ما لاحظته في كثير المعارض التي نظمتها في الجزائر والخارج. ما الذي يميزه هذا النوع عن باقي الفنون التشكيلية؟ هذا النوع ليس له سقف محدد بل هو متغير ومتطور حسب المواضيع، وله من الدلالة ما يفوق الشكل العام والخارجي للوحة أو الجدارية أو الخشبة الملونة، كما له قراءات ما بين الألوان والصور، فأعتقد في هذا الإطار بأنه فن ناطق وحركي يجمع بين إبداع المخيلة في تحليل اللوحة بالواقعية أو بالتجريد، كما يعبر من جانب أخر عما يخفيه العمل. وأين هي لمستك الخاصة في هذا الفن؟ في هذا الفن أوظف عادة مادة خام، عبارة عن لغة مباشرة وخطاب سطحي لا يحمل أية خلفية، من خلال استخدام بعض العناصر من ألوان متنوعة وقش مختلف من حجارة أو حبات رمل، أوراق أشجار، وغيرها بغية إعطاء العمل طابع جمالي تتناسق ألوانه أو شكله مع الموضوع المعالج. كيف ترى مستقبل الفن التشكيلي في الجزائر؟ سيكون مستقبله رائعا لو يتم الإصغاء لنا من خلال إيجاد معالجة حقيقة وفعالة للمشاكل التي نعاني منها وعلى رأسها غياب القاعات والفضاءات الفنية دون قصد مني للأروقة التي تحتضن أنواع النشاطات الفنية، لأنها في رأي تمنع إبراز الجوانب الإبداعية للفنان الذي يبحث عن أماكن يفجر فيها موهبته وطاقته وليس تقديمها كمجرد عرض فقط. بالمقابل لو تلقي نظرة حول الشباب الجزائري المبدع في أوروبا لأدركت قيمة هذا الفن، وعليه أدعو كافة القائمين على القطاع الحي في بلادنا أن يساهموا في إخراجه من قاعات العرض وذلك بتوفير وسائل النشر والتوزيع وتخصيص فضاءات دائمة له.