يقول روني فوتيي "إن أجمل ما في كوني شاوي فرنسا"، هو من منطقة "بْروتانْيا" الواقعة شمال غربي فرنسا، اشتهر أجداده بمقاومتهم الشرسة للاستعمار الروماني خلال القرن الأول قبل الميلاد، ثم بمقاومتهم للاستعمار الإنجليزي الذي غزا فرنسا في القرون الوسطى. يتميز أهل بْروتانْيا بالقامات الفارهة والبنية الجسدية القوية. روني فوتيي لا يختلف عن بني جلدته، فهو رجل قوي، طويل القامة، وفوق هذا كله يفيض إنسانية وشجاعة، فلا غرو أن ينضم إلى الثورة الجزائرية، فيكون أول سينمائي أوروبي يصور مجاهدينا في الجبال والوهاد. كانت الصور الحية لتي التقطها روني فوتيي وبعض زملائه الجزائريين لمجاهدي الثورة التحريرية الكبرى بمثابة الرسالة المشعة التي أنارت جزءا هاما من الرأي العام في عالم كانت فرنسا تعتقد أنها تسيطر على مداخله ومخارجه بقوتها التكنولوجية والإعلامية الكبيرة، لكن هيهات! فابتداء من خريف 1957، أخذت بعض القنوات اليسارية في أوروبا وآسيا تبث صور روني فوتيي الملتقطة في الجبال رفقة المجاهدين الجزائريين، وما إن حلت سنة 1958 المرعبة بالنسبة للشعب الجزائري حتى ملأت وثائقيات السينمائي روني فوتيي جزءا هاما من شاشات العالم. كانت صور القرى المحروقة أو سكان المداشر المشويين بالنابالم أو صور الجرحى المشوهين أو اليتامى والثكالى نصف العراة، كانت تلك الصور التي التقطها فريق روني فوتيي منارات اهتدى بفضلها محبو الإنسانية إلى طريق مناصرة حق الشعب الجزائري في الحرية والاستقلال. لم يكتف روني فوتيي بتصوير حياة الشعب الجزائري المكافح، وإنما أخرج فيلما روائيا فيه الكثير من الصدق والحقيقة، كان ذلك الفيلم بعنوان "أن تكون شابا في العشرين بمنطقة الأوراس". عرض الفيلم في أصقاع عدة من الكرة الأرضية، فنال إعجاب المثقفين واستمال قلوب محبي السلام ومناهضي الاستعمار في قارات العالم الخمس. لقد عرف روني فوتيي الأوراس الأشم، قممه وسفوحه، كما عرف مجاهدي الولاية التاريخية الأولى من أبسط جنودها إلى أكبر زعمائها، فلا غرو أن يقول باعتزاز وكبرياء "أنا شاوي فرنسا".