الأونروا : 400 ألف فلسطيني محاصرون شمال قطاع غزة    افتتاح الطبعة التاسعة للأسبوع الثقافي الكوري الجنوبي بالجزائر "أسبوع كوريا"    سفير اليابان يشيد بالترحيب الحار    مشروع إيطالي لتصنيع السيارات بالجزائر    إشادة بالحرص الرئاسي على ضمان السيادة الرقمية    إشادة بقرار رئيس الجمهورية زيادة المنحة السياحية    بداري يشدّد على أهمية الوسائل البيداغوجية المتطورة    أكبر هجوم صاروخي من جنوب لبنان على حيفا وخليجها    صهيونية العماليق و السياحة السوداء    الأمن المغربي يقمع مسيرة حاشدة في وجدة    الخضر يستعدون لمواجهة الطوغو    هذه توجيهات الشرطة للمناصرين    قانون لحماية القدرة الشرائية للجزائريين    افتتاح معهد وطني للتكوين في الطاقات المتجدّدة بتيبازة    الأحذية الرياضية تستهوي النسوة    تبّون يهنّئ قيس سعيد    جامعات غربية يتغذّى تألقها من الجهود العربية    العرباوي يستقبل سفير إيطاليا    وقفات مع دعاء صلاة الاستخارة    عطاف: قرارات محكمة العدل الأوروبية نسفت المحاولات اليائسة لطمس ثوابت قضية الصحراء الغربية    مرابي يشرف على الدخول لدورة أكتوبر 2024 بوهران    مجازر الكيان الصهيوني في مخيم جباليا وفي غزة دليل على فشله    طقسا مشمسا إلى ممطر عبر أنحاء الوطن    الأكياس البلاستيكية السوداء تعود بقوة للأسواق    الصولد يستقطب اهتمام الزبائن عبر المحلات    الغرب المتصهين لا يعرف الحياد..؟!    اتفاقية تعاون بين سلطة حماية المعطيات ونظيرتها الموريتانية    تدخل ضمن برنامج الاحتفال المخلد للذكرى 70 للثورة التحريرية    القطاع أنجز عدة منصات للتكفل بانشغالات المهنيين وعصرنة الخدمة    سايحي يرسل كمية معتبرة من اللقاحات إلى تمنراست وإن قزام    السفير الجديد للمجر يؤكد رغبة بلاده في تطوير علاقات الصداقة التاريخية مع الجزائر    مجلس الأمن: رئيس الجمهورية جعل من نصرة القضية الفلسطينية أولوية الأولويات    موسم الاصطياف: وفاة 762 شخصا وجرح 31705 آخرين جراء حوادث المرور    ملاريا/دفتيريا: إرسال كميات جديدة من اللقاحات والتجهيزات الطبية للولايات الجنوبية    مهرجان وهران الدولي للفيلم العربي: عرض أعمال تعالج مواضيع اجتماعية وإنسانية    تكوين مهني: إدراج تخصصات جديدة وإبرام اتفاقيات شراكة بجنوب البلاد    تصفيات كاس افريقيا للأمم 2025: "الخضر" يشرعون في التحضير لمواجهة طوغو    تصدر ترتيب أغلى المدربين في افريقيا..بيتكوفيتش يتقاضى 135 ألف يورو شهرياً    بوعناني سعيد بعودته للمنتخب الوطني    العرباوي يستقبل سفير إيطاليا بالجزائر : اتفاق على توسيع التعاون في مجال البحوث والحفريات الأثرية    مستغانم.. 810 مليون دج لترميم عدد من المواقع الأثرية    يفتح بابه غدا ل20 بلد ويشرّع نوافذه على التجارب الفكريّة والأدبيّة الجزائرية..الجزائر ضيف شرف معرض عمّان الدولي للكتاب    الذكرى ال20 لرحيل يحي بن مبروك : مسيرة حافلة في خدمة القضية الوطنية والثقافة الجزائرية    صندوق النقد العربي ينوه بجهود الجزائر.. فايد: الجزائر حققت "خطوات معتبرة" في مسار التحول الرقمي    توقيع مذكرة تفاهم بين وكالة "النفط" وشركة "غلف بتروليوم ليميتد" القطرية    الوادي.. توقع إنتاج أزيد من 11.5 مليون قنطار من البطاطس    التكفل الأمثل بمرضى الملاريا والدفتيريا : إرسال كميات جديدة من اللقاحات والتجهيزات الطبية للولايات الجنوبية    صناعة : مجمع "ايفيكو" الايطالي يعرض مشروعا لتصنيع السيارات النفعية بالجزائر    المهرجان الثقافي الوطني لعكاظية الشعر الشعبي بمثابة المكافأة التي يستحقها أهل الشعر في الجزائر    جزائري يتوّج بجائزة أنغولا    كرة القدم/كأس الكونفدرالية الإفريقية: اتحاد الجزائر يفتتح المنافسة أمام اورابا يونايتد (بوتسوانا)    اجتماع تنسيقي بوزارة الصحة لمتابعة الوضعية الصحية بالمناطق الحدودية    لا زيادات في الضرائب    المنافسات الافريقية للأندية (عملية القرعة): الاندية الجزائرية تتعرف على منافسيها في مرحلة المجموعات غدا الاثنين    أسماء بنت يزيد.. الصحابية المجاهدة    محارم المرأة بالعدّ والتحديد    حق الله على العباد، وحق العباد على الله    عقوبة انتشار المعاصي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأزمة السورية تفرِّق اليساريين العرب...
رأي حر
نشر في الفجر يوم 15 - 08 - 2012

تحت هذا العنوان نشرت الشهرية الفرنسية لوموند الديبلوماسي في عدد آب 2012 مقالا عن الأزمة السورية هو في تقديري أكثر دقة وموضوعية من مقالين تضمنهما إصداران سابقان لنفس المجلة. احتوى الأول مقارنة ً هزيلة بين آليات اتخاذ القرار في نظم الحكم الاستبدادية، العراق وسوريا نموذجا، وفي الثاني تناول الكاتب المعروف ألان غريش بالتحليل الازمة السورية من زاوية موقف مسبق من نظام الحكم. أثار في حينه هذان المقالان ردود فعل سلبية من جانب القراء.
يسلط المقال الأخير الذي كتبه نيقولا دوت بويار الضوء على مواقف المنظمات والأحزاب اليسارية العربية، المتباينة من الحراك الذي تشهده سوريا. فيستخدم في توصيفه "انتفاضة"، "تمرد" و"ثورة". ويشير طبعا، الى التحالف الذي يربط بين هذا الحراك من جهة وبين دول كمثل قطر وتركيا والعربية السعودية من جهة ثانية، بالإضافة إلى "خطاب فريق في المجتمع الدولي، ضد الأسد". يُخشى أن يتحول إلى هجوم غربي دموي ومدمر.
يستعرض الكاتب في سياق مقاله الاسس التي تطرحها التيارات اليسارية على اختلافها، كركائز تبني عليها مواقفها المتضاربة. فيخلص إلى أن هذه التيارات في غالبيتها يريبها أمر انتفاضة من ملامحها الفارقة: انعطافها السريع نحو العسكرة التي توفر التربة الملائمة لأنشطة الجماعات الإسلامية المتشددة، فضلا عن أنها تشرع أبواب البلاد امام "الأجانب" والمرتزقة ليتغلغلوا فيها. يأتي بعد ذلك "التمذهب" الذي يأجج تدريجيا نار فتنة عن طريق توظيف الدين في السياسة وإطلاق العصبيات من عقالها. وفي المحصلة أن ما يقلق أغلبية اليساريين العرب هو المنطق الذي يجيز النظر إلى الاضطرابات التي تعصف بسوريا على أنها صراع داخلي أونضال وطني من أجل الحرية والديمقراطية، بمعزل عن موازين القوى الأقليمية والدولية في مواجهة تتقابل فيها إيران وسوريا من ناحية ومملكات وإمارات الخليج من ناحية ثانية، بالتلازم مع مواجهة ثانية تشارك فيها روسيا والصين ضد الولايات المتحدة الامريكية وحلفائها في الغرب.
واستنادا إليه فإن أكثر التيارات اليسارية العربية تشكك "بثورية الثورة" في سوريا، انطلاقا من أن الظروف، في سوريا وغيرها من الأقطار العربية، ليست ملائمة لنهوض حالة ثورية. وبالتالي فإن هذه التيارات تعبر عن مواقف تدعو إلى الحوار والبحث عن صيغة من أجل إصلاح يتكامل مرحلة بعد مرحلة. هي من وجهة نظرها الوسيلة الوحيدة المتبقية في الراهن للحفاظ على الوطن السوري دون إدخاله في متاهات التدويل وتداعياته. وبناء على أن الاعتماد على قوات حلف الناتو، وإيجاد الذرائع التي تسهل قيامها بالهجوم على سوريا، يقود بشكل أوبآخر إلى تكرار أحد النموذجين الليبي أوالعراقي، يتوجب الرفض القاطع والصريح للتدخل الأجنبي في شؤون السوريين. وتأسيسا على أن سوريا ككيان، مستهدف في الراهن من خلال مؤامرة استعمارية ، فإن أقصى ما يمكن أن تفضي إليه "الثورة" هو نظام حكم يضع سوريا على نفس المدار إلى جانب أتباع الولايات المتحدة الأمريكية في المنطقة. وهذا ما يستحق بحسب هذه التيارات الرفض ايضا.
وفي موضوع جماعات اليسار المتطرف وبعض المثقفين اليساريين المستقلين، وهم جميعا يمثلون قلة قليلة بين اليساريين، يلاحظ الكاتب أن هؤلاء يؤيدون التمرد والعصيان "اوالثورة الشعبية" ضد نظام الحكم في سوريا، وينصحون بعدم التحاور معه، انطلاقا من قناعتهم بأن المهمة الأساسية في الراهن هي إسقاط النظام وبأن الحراك في سوريا هو امتداد للمتغيرات والانقلابات التي شهدتها أقطار كمثل تونس ومصر وليبيا، وربما اليمن أيضا، أي أنهم يفترضون وضعا يتميز بظهور حالة ثورية تتدحرج ككرة الثلج من قطرِ إلى آخر. هذا اعتراف ضمني برأيي الشخصي "بعروبية الثورة" ولولا الحياء لجاهر هذا الصنف من اليساريين غنجا وتدللا، "بإسلاميتها أيضا". هذا لا يمنعهم في الوقت نفسه من أن يتهموا العروبيين الحقيقيين بالعصبية القومية بسبب إدانتهم "الثوار" الذين يعاونون المستعمرين والرجعيين على تخريب سوريا وهدم الدولة العربية فيها.
فالحالة الثورية التي يزعم البعض أنهم تبينوا بشكل قاطع، الدلائل على وجودها، دون أن يبرهنوا أويقدموا المعطيات التي تثبت هذا الزعم، هي كفيلة بحسب الرؤيا التي يطرحونها، بمعالجة ما سوف ينتج بعد إسقاط نظام الحكم، عن الاعتماد على دعم أمراء قطر وآل سعود، فضلا عن الارتهان للولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها مقابل احتضانها "الثورة" في المجالات العسكرية والسياسية والدعائية. ناهيك عما سيترتب عن ذلك في ظل سيطرة الإسلاميين على السلطة "الثورية" على خلفية تفاهم بينهم وبين دول الغرب. هذا لم يعد سرا.
وجملة القول أن مداورة مواقف اليساريين العرب أوصلت كاتب المقال الذي نحن بصدده إلى خلاصة تفيد بأن غالبية المنظمات والتيارات اليسارية العربية لا تتوافق على نعت الوضع في سوريا بالثوري. فالتشخيص المقبول من أكثرية اليساريين والأقرب إلى الواقع هو أن المستعمرين والرجعيين استغلوا حالة الضعف والتداعي التي نتجت عن تخلف وعجز نظام الحكم. ينبني عليه أن الإصلاح ضرورة ملحة وعاجلة لردع المتآمرين ومنعهم من بلوغ غايتهم. أما الكلام عن ثورة وحرية وديمقراطية، في اطار الكيمياء العجيبة التي تجمع ميليشيات تتلقى التدريب على أيدي المستعمرين ويأجرها أمراء النفط، إنما هو خداع ألفاظ.
ولا بد أخيرا من الإشارة إلى مفارقة كان من المفترض أن تجعل الأقلية اليسارية أكثر تواضعا وأقل زهوا. إذ كيف نفسر ونفهم كونها أقلية في اوساط اليساريين من جهة، مقابل ادعائها تمثيل الشعب والنطق باسمه من جهة ثانية. هل يعني ذلك أن جهالة اليساريين أشمل وأكبر من جهالة عامة الناس ومنهم أتباع رجال الدين الذين أفتوا بضرورة إرضاع الكبير وبتحريم التصدي لمقاومة المحتلين بحجة أنها تشغل عن العبادة. وكيف نفسر أيضا ونقبل صمتها ورضاها بالإمكانيات اللامحدودة المتاحة امامها في وسائل الإعلام، العربية والغربية، قياسا بما تعانيه الأكثرية اليسارية في هذا المجال من تضييق وانتهاك لحرية التعبير. ويحدثونك عن الحرية والديمقراطية !!
خليل قانصو فرنسا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.