تحولت يوميات أطفال المدارس بعنابة، منذ الأيام الأخيرة، إلى سلسلة من المتاعب والبحث المستمر عن شغل يؤمن لهم بعض الدريهمات تساعدهم على الدخول المدرسي، عارضين سلعا برخض التراب في عز حر هذه الصائفة، آميلن أن تدر عليهم بعض النقود تساهم في اقتناء حاجيات الدخول المدرسي القادم وسط العوز الذي تشكو منه عائلاتهم. الزائر إلى عنابة هذه الأيام يلاحظ أن الأطفال فرضوا منطقهم على السوق السوداء من خلال عرض سلعتهم التي تنوعت من الأشرطة المنظفة لأواني الطبخ والبراغي والهواتف النقالة وحتى بعض المستلزمات الدراسية من كراريس وأقلام، فهم يعرضون سلعهم في حرارة الشمس وأعمارهم لا تتعدى ال 12 سنة، فهم لا يتذكرون - حسب حديثنا معهم - أنهم تمتعوا ولو مرة بعطلتهم الصيفية مثلما هي العادة، فنهارهم يبدأ يوميا في الاستيقاظ قبل طلوع الفجر والتسابق نحو الشوارع من أجل أخذ مكان للبيع. وحسب آمين، طفل في العاشرة من عمره، وهو بائع للمستلزمات الدراسية، فإن سلعته تنفد يوميا. كما أكد بائع آخر لعلب الطماطم والتونة على نفس الشيء. كما أن بائعي البراغي والهواتف النقالة يجدون صعوبة في ترويجها، خاصة أمام مطاردتهم من طرف المصالح الأمنية. غيرنا الوجهة نحو حي شاند مارس بمدينة عنابة، وجدنا أطفالا آخرين يبيعون سلعهم بنبرة عنابية، حيث يدخلون في لعبة السين والجيم مع الزبون، فيرغموه بطريقتهم على شراء ما يروجونه من سلع لربح بعض الدنانير وشراء كسوة الدخول المدرسي، لأن أيام المدرسة بالنسبة لهؤلاء الأطفال أفضل بكثير من العطلة، إذ يستطيع خلال جلوسه مع رفاقه في القسم أن يخلد للراحة بعيدا عن حركية الناس والشارع. في الجهة المقابلة لمسجد الرحمان بعنابة وسط، يقابلك باعة صغار يجولون ويصولون طيلة النهار لبيع فاكهة "الهندي" وبعض الفواكه البرية التي تدر عليهم النقود لتوفير احتياجات العائلة من أكل ومشرب. هذه هي يوميات أطفال المدارس بعنابة، تمر متثاقلة بسبب ارتفاع الحرارة وتدني القدرة الشرائية، فأغلبهم لم يتمتع بالعطلة الصيفية مثل أترابهم الذين يفضلون الشواطئ والغابات للتمتع بالنسيم العليل المنبعث من جبال سرايدي، وهناك من يحب برمجة عطلة خاصة بالولايات الساحلية أوالجلوس على الشاطئ لتناول المثلجات والمشويات.