جزائريون يؤسسون إمبراطورياتهم خارج الحدود الجزائرية أبطال واقعنا جزائريون ورغم انهم ترددوا في اعلامنا بهوياتهم إلا انهم استسلموا في النهاية إلى حقيقتهم وأسروا لنا بكثير من الحقائق التي لا يمكن أن توصف إلا بالمثيرة في عالم، الكلمة تعود فيه دائما الى الرصاص ولغته الصارمة إذ وعلى بعد بعض الكيلومترات فقط من الحدود الجزائرية تعسكر جماعات مسلحة جنبا الى جنب مع مافيا لا يمكن لنا أن نصفها الا بالخطيرة جدا هي تتعايش ضمن اتفاق غير علني مع بعضها البعض بعيدا عن شيء اسمه الرقابة لم نعرف كيف وصلنا إليهم انطلافا من جماعة إلى اخرى، لكننا وجدنا انفسنا تحت حمايتهم في وقت كانت فيه الشمس قد بدأت تغرب شيئا فشيئا ووجدنا انفسنا وسط مقاتلين احاطوا بالمكان وهم في أهبة الاستعداد لدخول الحرب وبدأت تقاصيل حياة اخرى بعيدة كل البعد عما شاهدناه نهارا لا تسمع فيه إلا صوت الرصاص وقد امتزج مع صوت الشاحنات التي لا تتوقف عن السير أبدا، خرجنا للحظات بغية استكشاف المكان فلم نكد نعرفه من كثرة الموجودين، قيل لنا أن هؤلاء يشتغلون على التجارة وهم يعملون ليلا، ولم نرد أن نخوض في الامر لأن ما يقوم به المعنيون تهريب وهم يهربون المواد العذائية بما فيها تلك التي تحظى بالدعم من طرف الدولة خاصة منها الفرينة والاصل ان المسموح به هو التمر فقط ونحن شاهدنا كل السلع التي دخلت والتي بلغت الاطنان، حيث ينتظر أن توجه الى جنوب مالي وربما الى الدول الافريقية الاخرى فالكميات كبيرة جدا وهي تصل المناطق المالية بشكل يومي ولكن العجيب في الامر أن المتورطين فيها جزائريون بنوا امبراطوريتهم في هذا المكان المخيف وشيدوا منازل كبيرة يمكن أن تعرف هوية اصحابها دون أي معاناة فقط بعض التفاصيل الصغيرة تفي بالغرض ويخشى العديد مجرد الاشارة إليها بأصابع اليد، وشاءت الصدف أن ندخل لبرهة به وإحداها كانت تحظى بحراسة مشددة من اشخاص أشداء اعتقدنا في البداية انها ملك لاحدهم، لكن علمنا أن سيدها غائب لذلك سمح لنا بإطلالة صغيرة، لم تكن منازل عادية وإنما يجتمع فيها كبار المافيا الذين يجلبون النساء من عدة مناطق من افريقيا وحتى من الجزائر وتزامن وجودنا في المنطقة مع جلب فتاتين من تامنراست وورقلة تعذر علينا رؤيتهما فقد غادرتا لحظة وصولنا، وحسب احد اعضاء الحركة العربية الازوادية، فإن كثيرا من الفتيات يأتين إلى هنا ويقضين الليل ثم يغادرن صباحا وهو أمر عادي بالنسبة لعصابات المافيا التي حولت المنطقة الى اوكار للدعارة بعد صراع يومي مع مصالح الامن وكذا الجماعات التي تؤمن بمقولة البقاء للأقوى، حيث تعيش المافيا حربا مع العديد من الاطراف ويقال إنه يستحيل مطاردة مهرب على متن ستايشن في صحراء مفتوحة الا بقتله رميا بالرصاص اما بغير ذلك فهو يغامر بنفسه على متن هذه السيارة التي عمد بعضهم الى تقديم عروض مميتة لتأكيد المقولة. براءة متوحشة تتفنن في القتل طفل في التاسعة من العمر يجيد استعمال السلاح ويملك قطعة مسدس صغير في انتظار اشتداد عوده ليكافأ بكلاشنيكوف، لا غرابة بالمرة ان يستعمل الاطفال السلاح في الشمال المالي بل يحبذ ذلك، فأغلب المقاتلين يبلغون من العمر 15 سنة واحترفوا العمل المسلح منذ أربع وخمس سنوات أي بدأوه في عشر سنوات وكانت اجابات الكثيرين منهم متقاربة فهم غادروا مقاعد الدراسة في سن مبكرة جدا منهم من قادته الحاجة ومنهم من ذهب ضحية إغراءات الجماعات المسلحة يقول احدهم وهو ترڤي قام بحراستنا وبالكاد فهمنا كلامه ان والده كان في الجيش المالي وقد تم تسريحه بعد الانقلاب الذي اطاح بالنظام في 22 من مارس الفارط فوجد نفسه مضطرا لمساعدة اهله بالقيام بعمل الحراسة وهو العمل الوحيد الذي يجيده وقد مضى عليه عام يتقاضى فيه بالدينار الجزائري مليون سنتيم شهريا شأنه في ذلك شأن زميله الذي قادته الظروف الصعبة الى استعمال السلاح لكسب قوت يومه. ويميل العديد من الاطفال الى استعمال الاسلحة التي تمكنهم من الشعور بنشوة القوة دون اعتراض من اهلهم ولا حتى الجماعات المسلحة التي ينتمون إليها فهي تستثمر في براءتهم بشكل فظيع قال احدهم ونحن نسأله اذا ما تورط في قتل احدهم فأجابنا بفرحة شديدة "كثيرين " "لا استطيع عدّهم حتى..." جهاديون يستبيحون كل شيء ويتاجرون بالمخدرات لا يختلف اثنان في مالي على أن اغلب قادة الجماعات المسلحة في مالي هم تجار مخدرات تورطوا في كل شيء من تهريب، قتل، تصفيات، استغلال الاطفال وحتى المتاجرة بالمخدرات فالكل يعلم أن زعيم جماعة الجهاد والتوحيد شريف ولد الطاهر كان بارونا لتهريب المخدرات التي ينقلها على متن الطائرات وتشير بعض المصادر إلى أن الحماعات المسلحة لم تتخلص من هذه المهنة بعد رغم محاولات ادعاء تطبيق الشريعة الاسلامية، شأنها في ذلك شأن جماعة انصار الدين الحريصة على تطبيق الحدود والتي فرضت عقوبة على ثلاثة ماليين اتهمتهم بالمتاجرة بالمخدرات فقد كان زعيمها اياد اغ غالي مدمنا وفي المجمل تربط الجماعات المسلحة باختلاف تسمياتها علاقات وطيدة مع مافيا تهريب المخدرات التي تتمتع بنفوذ خاص في المنطقة ويمكن اعتبارها جماعة مسلحة قائمة بحد ذاتها تستطيع حماية نفسها من الجهاديين وحتى فرض منطقهم على الجميع والسكان الذين يخشون الجماعات المسلحة يخشون كذلك تجار الكيف. اجتماعات ماراطونية للقبائل لاستعادة أراضيهم تستغل القبائل الاوضاع الحالية في شمال مالي والتي تتسم بالهدوء وسريان اتفاقية الهدنة في عقد جملة من الاجتماعات لاستعادة الاراضي التي تم تحريرها من الجيش المالي قبل أن تفرض الجماعات المسلحة السيطرة عليها، ونجحت في آخر اجتماع لها في لمّ شمل مئات القبائل التي دخلت الصف الواحد تحت راية الازواد بقيادة انتالا اغ غالي اكبر زعماء قبيلة ايفوغاس والذي يحظى فيه بالولاء حتى من زعيم حركة انصار الدين، وتمكنت القبائل الازوادية من تحقيق ما فشل بلال اغ شريف في تحقيقه بعد تملص محمد اغ ناجم والعقيد الصلاه من مسؤوليتهما العسكرية في حركة تحرير الازواد. ونجحت اجتماعات القبائل قي اعادة فرض السيطرة وتهديد الجماعات المسلحة بحرب قادمة قيل فيها إن أتباع الزعيم انتالا يستعملون فيها لاول مرة الصواريخ التي تم جلبها من مستودعات القذافي، فقد تم تغيير اماكن اخفائها لتسهيل عملية الاستعانة بها. صراع البقاء يستثني أتباع الأعور يتوعد كثير من المقاتلين في مالي خصومهم بحرب ينتصرون فيها، ويتمكنون من دحر كل من يتعارض ومنهجهم، وتتباهى حركة الازواد بكثرة عدد المنتمين إليها وامكانية بسط نفوذها على منطقة تعتبرها ارضا لها ويحق لها طرد الغرباء، غير أن الجميع يتراجع عند اشارة قف ممثلة في القاعدة، إذ يتحاشى الجميع اعلان حرب معها، وسبق لجماعة الازواد أن فقدت مكانتها بعد دخولها في معارك ضارية عرفت القاعدة كيف تسيرها باستقطاب جماعات أخرى للتحالف معها. كما تمكنت من ابعاد نفسها من حروب لا فائدة منها جمعت الازواديين انفسهم والأكثر من ذلك جعلت من أنصار الدين قوة تأتمر بأمرها، واعتمدت القاعدة في بلاد المغرب الاسلامي التي يتزعمها كل من الاعور، ابي زيد، أبو همام، وعبد الكريم الترقي على سياسة مرنة مع سكان مالي بحيث تجنبوا التشدد الى درجة أن مختار بالمختار تنقل شخصيا قبل اسبوعين الى منطقة اغلهوك لطلب الصفح من السكان بسبب العنف الذي سجلته عدد من الجماعات المحسوبة عليه. وتتجنب الجماعات معاداة القاعدة وتتفادى بعضها مجرد التصريح بذلك، ولم يجرأ عليها إلا الحركة الوطنية لتحرير الازواد التي حرصت طوال اكثر من ثلاث اشهر على تجنبها قبل ان تغامر وتفتح جبهة ضدها، وحتى في الاجتماع الاخير الذي جمع القبائل الازوادية لم يعلن شيوخها الامر صراحة، بل اكتفوا بالتأكيد على ان شمال مالي أو إقليم الازواد لن تسيره الا حركة تحرير الازواد. .. إنتهى