طرح الملتقى الثاني للكتابة السردية الذي احتضنته ولاية أدرار، واقع الرواية الجزائرية على طاولة النقاش، حيث حاول المشاركون في أشغاله تقصي حقيقة ما يعيشه النص الروائي والتحولات التي مرّ بها منذ ظهوره إلى غاية اليوم بكل ما تحمله الرواية من هواجس. انتقلت أشغال الملتقى في يومه الثاني إلى فضاء الجامعة لتفتح المجال لشريحة الطلبة التواصل مع أصحاب الشأن من المبدعين وتوسيع دائرة الاستفادة من تجاربهم ومن مداخلات الدكاترة والأساتذة الذين ساهموا في إثراء جلسات الملتقى، حيث قدم محمد بن زيان خلال مداخلته ”الرواية هواجس وتمثلات من السبعينات إلى الآن”، مسحا شاملا للمنجز الروائي منذ الاستقلال إلى غاية اليوم، مشيرا إلى اقتران الرواية في الجزائر بالملابسات التاريخية التي بلورت طغيان المضمون، أين كان السباق مشحونا بالثورة فطغى التسييس على الفعل الروائي الذي وقع بين حمولة الذاكرة وسعة الأقلام. أما سنوات الثمانينات حسب المتحدث فعمت الخيبة على الرواية التي راح كتابها يبحثون عن تحقيق الذات بالتركيز على جماليات النص، ليثمر مسار الرواية سنوات التسعينات عن أسماء حققت تطورات عدة في الحقل الروائي، وقدم لحبيب مونسي ملخصا عما كتب عن الرواية من طرف أدباء جزائريين. من جهته، أشار الدكتور سعيد بوطاجين في حديثه عن السرديات إلى اكتفاء الدراسات التي قدّمت عن الرواية بالخطاب النصي دون الخوض فيما هو آت وقال ”تأخرنا كثيرا بمقدار 30 سنة عما تعرفه الرواية العالمية” وتساءل ”هل نحن مؤهلون ونحن الذين لا نقرأ الرواية لتجاوز السرديات الواصفة؟”، مشيرا إلى أنه من لا يملك القدرة على القراءة ليس له الحق في ادعاء النقد، كما تطرق مجمد تحريشي إلى قضية اللغة في النصوص الروائية داعيا إلى ضرورة ممارسة القراءة الإنتاجية الإبداعية، وتحدث الدكتور بشير بويجرة عن استعمال الرواية الجزائرية للأزمنة الثلاث الماضي، الحاضر والمستقبل وسيطرة الزمن الأول على نصوصها أو ”الزمن السياسي” مما أوقع النص السردي في اللبوس الإيديولوجي، ثم ظهر الزمن البسيط أو الشعبي على حد قوله وطفت على الرواية الديمومة الآنية، وصولا إلى المزج بين الأزمنة المختلفة للكينونة الجزائرية التي طبعت الرواية الجزائرية بعد الألفين بنصوص فلسفية جميلة، واختتم الجلسة الروائي الحبيب السايح بعرض تجربته الروائية التي كشف فيها عن أهم ركيزة له في الكتابة ألا وهي البحث والاطلاع على مختلف الكتابات التي مكنته بالتزود بزاد الإبداع في نصوصه المختلفة.