سيصدر بداية الأسبوع القادم، كتاب جديد للباحث الأكاديمي بومدين بوزيد عنوانه ”التصوف والسلطة: جدل المقاومة والسّلم ورمزية صاحب الوقت” عن دار ”ذاكرة الأمة” بالعاصمة، ويكون بيعه بالتوقيع مساء يوم الصدور بمعرض الكتاب الوطني المقام بسافاكس من تنظيم نقابة الناشرين، الكتاب يضم أربعة فصول هاجسها الأوّل الاهتمام العلمي الأكاديمي، ويرى صاحب التأليف في مقدمة كتابه أن اشتغاله على قضايا التأويل والقراءة في البحث والكتابة جعله يعود إلى نصوص جزائرية مخطوطة ومحقّقة وإلى تاريخ الحركات الصوفية وتشكّلها في الجزائر بالخصوص، وقد تزامن ذلك مع اهتمام رسمي بالتصوف والطرقية كحماية من التطرف الديني والعنف وحاجة انتخابية في بعض الأحوال، كما أنّ الحديث عن المرجعية الدينية والوطنية للمغاربة والجزائريين أمام المدّ السّلفي الوهابي والعولمة الجارفة تتطلب إحياء والعودة إلى الخصوصية الصوفية المميّزة لهويتنا وقيمنا الثقافية والاجتماعية، وهذا الاهتمام بغض النّظر عن دوافعه السياسية والإستراتيجية شاركت فيه مؤسسات رسمية ومدنية غربية وأمريكية أمام تزايد خطر الجماعات المسلّحة المنتمية للقاعدة على اعتبار أن التصوف والطرقية كتراث ديني وثقافي وأنثربولوجي يمكن أن يشكّل وقاية من التطرف عند الشباب، كما تحوّل في بعض البلدان العربية إلى جزء من رهان سياسي في زمن ما أصبح يعرف ب ”الربيع العربي”. يسعى المؤلف في هذا الكتاب إلى فهم العلاقة بين التصوف كمؤسسة ثقافية واجتماعية والسلطة، سواء تمثلت في أنظمة سياسية مثل المرحلة الكونيالية الاحتلالية للجزائر أو من خلال علاقتها بالآخر أي المسيحي الغازي . لقد كان الطابع الغالب على التصوف الطرقي رباطي جهادي، كما أنه في فترات الأزمات في تاريخ المغرب العربي أصبح جزءا من التبرير الديني للتسلّط السياسي أو الاقتصادي، أو التبرير القدري للاحتلال. إن التجربة الصوفية الطرقية تجربة دينية تاريخية اجتماعية معقدة ليس من السّهل أن نصنف كما تعودنا دائما على أن هذا من الإسلام أو ذاك؟ أو هل كانت مع المستعمر أم لا؟ وهل كانت ضدّ الاستقلال أم لا؟، إنها ظاهرة تاريخية لا تخضع للمقاسات العادية وللفهم السريع، كما أن الارتباط بالسياسية والسلطة والمال ظاهرة تحتاج إلى معاودة القراءة، التاريخ والتأويل، أما التوظيف لها اليوم فهو يتوقف على طبيعة هذا التوظيف الذي قد يكون سافرا أحيانا ويخضع لموازين تتعلق بالانتخابات، النفوذ والقوة. الفصل الأول من هذا الكتاب دراسة منهجية عن الكتابة التاريخية الثقافية في الجزائر، حاول فيه الدكتور بومدين بوزيد ملامسة منهجية تحليل الخطاب واستثمار النقد الثقافي المستثمِر للأبحاث الأنثربولوجية وفلسفة التاريخ التي تطرح قضايا الفهم والتأويل، وتلتها ثلاث دراسات تطبيقية منها واحدة خصّصها لنص منقبي حول حياة صوفي صاحب مؤسّسة دينية وعلمية بمجاجة ”شلف” غرب الجزائر، والباقيان بحثا العلاقة بين التصوف والسّلطة مع التركيز على ”المقاومة والموقف من الآخر”.