لم تكن زيارتنا إلى العيادة المتعددة الخدمات الواقعة ببلدية بن سرور، في المسيلة، مبرمجة من قبل بل جاءت مفاجئة عندما شاهدنا سيدة تخرج من العيادة وهي تحمل بين ذراعيها بعض الأفرشة والأغطية، ومواطن ترافقه طفلة صغيرة وقد ارتسمت على وجهه علامات الغضب. إمكانيات متوفرة ولامبالاة في التسيير رغم أن المؤسسة العمومية للصحة الجوارية ببن سرور، من خلال العيادة المتعددة الخدمات الشهيد بن الوناس سعيد، تتوفر على طاقم يضم 50 موظفا وعاملا، حسب تصريحات من وجدناهم بمقرها، أين أكدوا انعدام النظافة وانتشار الأوساخ من كل جانب، وهو أول ما شاهدناه ونحن نلج المقر رفقة عضو من المجلس الشعبي البلدي الذي رافقنا واستمع هو الآخر لمختلف الانشغالات التي كانت تصب كلها في خانة سوء التسيير ولامبالاة القائمين على الشأن الصحي بالمنطقة، حيث كان أول انشغال سمعناه يتعلق بالمياه الصالحة للشرب التي لا تزور حنفيات العيادة إلا كل 4 أيام، ما ساهم في انتشار الأوساخ والأتربة بشكل ملفت، حسب تصريحات المعنيين الذين طرحوا مشكلة أخرى تتمثل في العطب الذي أصاب سيارتي الإسعاف، منها واحدة صنعت سنة 2006 والأخرى في 2003، فيما تعمل واحدة فقط وأصبحت لا تلبي الحاجة، حيث يؤكد محدثونا أن بعض الأعطاب تستمر إلى سنة كاملة دون أن تتدخل الإدارة التي تبقى - حسبهم - تطلق الوعود تلو الأخرى، وهو الحال الذي ينطبق على قاعة المعاينة والكشف المجهزة بثلاثة أسرة تنعدم بها أبسط شروط الراحة والنظافة ولا تتوفر على الافرشة والأغطية، حيث وجدنا مريضة بعين المكان وهي مستلقية على السرير “مقرف” دون أن تقدم لها الأفرشة والأغطية، والتي قيل لنا أنها تنعدم تماما بالعيادة، فيما يرى بعض المرضى بعين المكان أن الخدمات الصحية ببلديتهم أصبحت تسير إلى الخلف، إذ يميزها الإهمال واللامبالاة، حيث أشار أحدهم إلى التدفئة المركزية وتساءل عن جدوى تركيب بعض الأجهزة التي لا تعمل وهو ما وقفنا عليه، حيث يحظى جناح المسؤولين بهذه الخدمة، في حين لا يتوفر الجناح المخصص للمواطنين والمرضى على ذلك، وهو ما فسره أحد العاملين بالعيادة على أنه عطب مفاجئ فقط.. عيادة التوليد تشكو الإهمال وسكنات الأطباء غير صالحة تتوفر العيادة المتعددة الخدمات على جناح خاص بالتوليد لا يتوفر على أدنى شروط العمل ولا يوفر الراحة، إذ تنعدم الافرشة والأغطية في الجناح المخصص لما بعد الولادة، ما عدا أسرة ذات غلاف بلاستيكي مثلها مثل الأسرة المخصصة للمواليد الجدد، الأمر الذي يجبر كل سيدة تدخل العيادة على ضرورة إحضار الافرشة والأغطية، وهو حال إحدى السيدات التي وجدناها هناك تنتظر وصول ابنتها لإحضار الأغراض المطلوبة. كما يشكو القائمون على هذه العيادة من انعدام طبيب مختص في أمراض النساء والتوليد ونقص كبير في القابلات، حيث يشرف على الولادة عادة طبيب عام بمساعدة ممرضات غير متخصصات أُجبرن على العمل بالعيادة. وهنا طالب محدثونا بضرورة تزويد العيادة بالإطار الطبي المتخصص وبقابلات لسد العجز الحالي وتوفير كل الظروف الملائمة لعمل الأطباء الذين يعانون كثيرا، ويزاولون مهنتهم النبيلة في ظروف قاسية، وهو حال الطبيبين اللذين يعملان بالعيادة المتعددة الخدمات، حيث تحدث أحدهم بمرارة عن واقعهم المعاش، خاصة من جانب السكنات المخصصة لإقامتهما، حيث تنعدم شروط الراحة والإقامة.. فلا تجهيزات لائقة ولا صيانة خضع لها المسكن منذ سنوات طويلة فسقفه تتسرب منه الأمطار ونوافذ وزجاج مكسر وتأثيث غير صالح، في حين يجاوره مسكن مدير الصحة الجوارية والذي يبدو في حالة ممتازة من خلال واجهته. الطبيب الذي رافقنا وجه نداء للقائمين على الشأن الصحي بالولاية للتدخل وانتشالهم من الوضع الحالي الذي يوصف بالكارثي، خاصة أن مدير الصحة الجوارية يعلم بالوضعية الحالية وزار مسكن الأطباء ووعد بتصليح الوضع منذ سنة تقريبا، إلا أنه لم يتغير أي شيء بل ازداد الوضع سوءا.