دعا أطباء مختصون في علم الارطوفونيا والنفس والتنمية البشرية وجراحون في في الأذن والأنف والحنجرة، خلال اليوم الدراسي الأول وطنيا الذي احتضنه الحرم الجامعي بتلمسان، مؤخرا، إلى ضرورة الاهتمام بفئة المعاقين سمعيا وحل المشاكل التي يعانون منها. يعاني الصم في مواقف عدة من حياتهم الاجتماعية، لاسيما تلك المتعلقة بصعوبة التواصل مع الآخرين وبالخصوص في الوسط المدرسي، والتي باتت تجعلهم في عزلة عن العالم الخارجي، إذ التكيف النفسي والاجتماعي للأطفال الصم يتأثر بشكل كبير بالسياق الاجتماعي، لأن عملية التواصل مع الطفل المعاق سمعيا هي محدودة للغاية وتتطور ضمن عطاء والتكفل الجيد للعائلة أوأسرة الطفل فقط، لذلك يلقى الطفل الأصم مشاكل كبيرة في تكوين الأصدقاء والرفاق. في السياق، أشار المتدخلون إلى وجود صراعات وتوترات داخلية في نفسية الأطفال الأصم تؤدي به إلى الشعور إلى بالقلق والدونية والإحباط، ما يزيد من تفاقم المشكلة، مستدلين بذلك بالإعجاز العلمي في القرآن الكريم الذي ذكر كلمة “اسمع” 185 مرة ومرادفاتها، ومن هنا كانت الحجة الدامغة أن حاسة السمع نعمة كبيرة أنعمها الله تعالى على عباده من أجل التواصل والتعلم. اللقاء العلمي تمحور حول عدة محاور، أهمها المحور الطبي الجراحي الذي تضمن كيفية التشخيص المبكر وأهدافه، والفئة المستهدفة لزرع القوقعة الإلكترونية. فيما أشار المحور النفسي الاجتماعي عدة نقاط، من أهمها الكفالة والمرافقة النفسية للطفل زارع قوقعة الأذن، والكفالة الأرطوفونية قبل وبعد عملية الزرع، مع الوقوف على اللغة ومشكلاتها عند الطفل زارع القوقعة وطرق التدخل، وكذا تحليل قياسات اللغة والنطق عند الطفل الذي زرعت له قوقعة الأذن. وفي السياق، أوضح الجراح المختص في الأنف والأذن والحنجرة، حاج علال فؤاد، أن عملية زرع واحدة بالخارج كانت تكلف خزينة الدولة أكثر من 500 مليون سنتيم، لاسيما قبل سنة 2003، إذ أن القوقعة الالكترونية الواحدة يبلغ ثمنها 150 مليون سنتيم، حيث طالب من الوزارة الوصية توفير هذه الأجهزة محليا، مادامت العمليات الجراحية يمكن إجراؤها في الوطن، مشيرا إلى أن المستشفى الجامعي بتلمسان الذي أجرى 170 عملية زرع منذ سنة 2008 بمعدل 60 عملية جراحية في السنة، وأن العشرات من الأطفال ينتظرون دورهم من هذه العمليات بسبب النقص الفادح في القوقعات المستوردة. كما استحسن من جهة أخرى تدعيم جامعة تلمسان باختصاص الأرطوفونيا في 2012، والذي سيكون له دور هام مستقبلا في استقطاب الحاصلين على شهادة البكالوريا من الجهة الغربية من الوطن، لا سيما أن هذا الاختصاص كان منحصرا على الجامعات الوسطى والشرقية من الوطن. ومن أهم التوصيات التي خرج بها المشاركون في اللقاء، دعوة الجمعية إلى إنشاء خلية استماع مع وضع شبكة للتشخيص المبكر، ومطالبة وزارة الصحة بتخصيص غلاف مالي خاص بهذه الشريحة مع العمل على صنعها محليا، لاسيما أن هذه الأجهزة المستوردة لا تتأقلم مع اللغة العربية. وتحت شعار “لا للطفل الأصم في شوارع الجزائر والوداع لعالم الصمت”، اختتم اللقاء الوطني حول إعاقة الصمم بالجزائر التي سجلت أكثر من 70 ألف حالة خلال سنة 2008.