بات شبح الإصابة بمرض الأنوريكسيا يتربص بالمهوسين بالرشاقة، فالبحث عن أي دواء أو خلطة من الأعشاب في أي مكان هاجس هؤلاء، ما يعرضهم لمشاكل صحية تنخر عظامهم وتعرضهم للكثير من المخاطر التي تهدد صحتهم. بات الاهتمام بالرشاقة أوالحصول على جسم أنيق يشغل بال أغلب النساء والفتيات، وقد مس الرجال وبنات حواء على حد سواء أمام رغبتهم الشديدة في الحصول على مظهر جذاب وجسم متناسق، حيث زاد الإقبال على مختلف الطرق التي تسمح بإنقاص أو زيادة الوزن باقتناء العقاقير من الصيدليات، مع الانتشار الواسع للأدوية الخاصة بالتخسيس التي تباع في الأسواق بشكل عشوائي، ناهيك عن استغلال التجار زيادة الطلب عليها غير واضعين صحة الزبائن بعين الاعتبار أمام هدف تحقيق الربح السريع. وتشير الدكتورة خولة مرواني، أخصائية تغذية، إلى أن المواد الإعلانية التي تبث في القنوات التلفزيونية لعبت دورا كبيرا في إقناع المتلقين بفعالية مستحضرات إنقاص الوزن وضرورة الظهور في شكل متناسق ونحيف، وهو ما كان سببا في استفحال الهوس بالرشاقة، لتتحول إلى حالة مرضية. صيدليات وبائعو أعشاب متواطئون تعيش الكثير من الفتيات تحت تأثير شبح أجسامهن الهزيلة أوالبدينة التي لا تسمح لهن باتباع الموضة أواختيار ملابس مناسبة لهن، وهو ما دفعهن للبحث عن ماركات لأدوية سواء بإعلانات القنوات أوبطرق عشوائية دون استشارة الطبيب. والغريب أن أغلب الصيدليات تمنحها للزبون دون طلب وصفة طبية، ليكون همهم الوحيد هو تحقيق الربح، مستغلين زيادة الطلب عليها من قبل الباحثات على دواء يخلصهم من داء البدانة. وبعد قيامنا بجولة استطلاعية في عدد من صيدليات العاصمة، تبين لنا أن الأمور تسير دون حسيب ولا رقيب. وعن أكثر أنواع الأدوية طلبا فيقول أحد الصيادلة أن هناك ماركات متنوعة لحبوب صيدلية تساعد على قطع شهية المصابين بالبدانة، وبالنسبة لأسعارها فقد أخبرنا المتحدث أنها تتراوح بين 1000 إلى 3000 دج، و أن الزبون لا يهمه السعر بقدر ما يبحث عن قدرتها في تخليصه من الوزن الزائد. كما أن الانتشار الواسع لطب الأعشاب وكذا البيع العشوائي للعقاقير بأشكالها وأنواعها المختلفة، زاد ولع مهووسي الجمال بفعاليتها، واقعين في وهم نجاعتها بحل مشاكل النحافة أو البدانة، حيث تحول الأمر إلى حالة مرضية من الإدمان على اقتناء أنواع مختلفة من الأعشاب من قبل عدد لا يستهان به من الزبائن، الذين لا يدركون حجم الأخطار والأعراض الجانبية التي يتعرضون لها من وراء ذلك. “الأنوريكسيا” نتيجة حتمية ل”الريجيم” القاسي تشير أخصائية التغذية، خولة مرواني، إلى ارتفاع عدد المصابين بمرض فقدان الشهية العصبي الذي يسميه الأطباء ب”الأنوريكسيا” نتيجة ممارستهم ل”ريجيم” قاس أوبإتباع نظام غذائي خاطئ، أومواظبتهم على تناول وصفات وأدوية دون استشارة المختصين. والأخطر من ذلك، حسب رأي محدثتنا، هو جهلهم لمدى تأثير هذه الوصفات مستقبلا على صحتهم، خصوصا تلك التي تباع بشكل عشوائي بالأسواق. وفي حديثها عن مرض الأنوريكسيا، تقول محدثتنا أنه بات مرض العصر، وهو عادة يصيب المراهقين كونهم الأكثر تأثرا ببدانتهم. وتضيف أنه يبدأ عادة بالظهور في سن مبكر وبالتحديد بمرحلة البلوغ، حيث أرجعت ظهوره إلى تداخل عوامل بيولوجية ونفسية. في حين أكدت الدكتورة خولة مرواني أن الإصابة بالأنوريكسيا، ينتج عن اتباع نظام غذائي غير صحيح بالمواظبة على رجيم قاس يؤدي إلى نقص الفيتامينات والأملاح الضرورية لبناء الجسم، إضافة إلى ابتعاد المصابين بالبدانة عن تناول النشويات مع مواظبتهم على تناول الخضروات الغنية بالألياف والفواكه ومشتقات الحليب التي تحتوي على الكالسيوم، لتفادي التعرض للمضاعفات الصحية والأعراض الخطيرة التي تتمثل، حسب قول الأطباء، في انخفاض حاد بالدورة الدموية وشحوب الوجه الناتج عن الإصابة بالأنيميا، إضافة لاضطرابات ضربات القلب، تورم القدمين وهشاشة العظام الناتجة عن نقص بنسبة الكالسيوم. أعراض المرض خطيرة حددت أخصائية التغذية، خولة مرواني، مضاعفات عديدة لمرض “الأنوريكسيا” تتمثل في انخفاض نسبة البوتاسيوم والمغنيزيوم في الدم، وخلل بنشاط الغدد وإفراز الهرمونات، إضافة لاضطرابات بوظائف المعدة وانقطاع الدورة الشهرية لدى المراهقات المصابين بالمرض. كما يؤدي إلى خلل بالقدرات الذهنية وقلة التركيز. وأكدت في السياق ذاته أن أعراض المرض قد تكون مميتة، لذا فإنهم يحذرون المرضى من إهمال علاجه، كما ينصحوهم بالابتعاد عن الوصفات العشبية والأدوية التي تباع بشكل عشوائي دون وصفة طبية كونها تسبب أعراضا جانبية خطيرة، مشيرة أن خير وسيلة للعلاج هو اتباع نظام صحي مفيد، وممارسة رياضة الجري والمشي لما فيها من منافع كثيرة لتخليص الجسم من الشحوم.