دعا المشاركون في أشغال الملتقى الدولي حول واقع البحوث العرفنية في مجال تحليل الخطاب، الذي أشرف على تنظيمه مخبر تحليل الخطاب وكلية الآداب واللغات بجامعة مولود معمري بتيزي وزو على مدار الثلاث أيام الماضية، إلى التأكيد على الدور الكبير الذي يلعبه الخطاب التحليلي في النقد الأدبي. وقال المشاركون في هذه الأيام الدراسية التي سلطت الضوء على واقع البحوث العرفنية، أن هناك تصورا جديدا مبني على ثقافة علمية جادة مستمدة من دراسة لسانية فعالة سيكون لها فضل أبعاد النقد الأدبي عن الإيديولوجيا والطريقة الرومانسية التي كان يتعامل بها النقاد مع مختلف النصوص الأدبية، إلى جانب وجوب توسيع مجال تحليل الخطاب في العمل الأدبي كمنهج جديد للبلاغة بغية توجيه اهتمامات عامة الناس والقراء خصوصا. وأضاف المتحدثون أنه على النقاد أن يتفاعلوا إيجابيا مع التراث الأدبي العربي، لاسيما في مجال البلاغة وتحليل الخطاب ووجوب الاحتكاك بالبلاغيين واللغويين العرب، وكذا الفلاسفة لتذليل الصعوبات، داعين في السياق ذاته إلى وجوب الابتعاد عن ما يسمى بالمقاربة الشكلية في النصوص الأدبية، وهي الظاهرة التي باتت تجتاح العالم العربي على وجه الخصوص من منظور غير أخلاقي ولا قانوني، خصوصا أن البحث في البلاغة العربية عبر تاريخها بقي أسير المقاربات الشكلية التي تعتمد غالبا مقولات معيارية لا تصلح أن تتشكّل في نسق منهجي يتمتّع بالقدرة على التحليل. ودعا هؤلاء إلى إدراج لمسات حديثة على هذا الجانب في العصر الحديث، من خلال السعي وراء جعل البلاغة كنظرية في الكتابة وسلطة إبداعية، إلى جانب مطالبتهم بوجوب تذليل الصعوبات التي تواجهها البحوث العرفنية ومدى علاقتها بتحليل الخطاب، بالنظر إلى الدور الذي لعبته هذه العلوم، على غرار الفلسفة وعلم النفس مع علم الأعصاب، وغيرها في تطوير هذا النوع من البحوث ومساهمتها في الكشف عن وسائل جديدة لمقاربة مختلف الخطابات، باعتبارها نشاطات عرفنية وحاملة لتمثيلات ذهنية معقدة. وخلص المشاركون في هذه الأيام، والذين قدموا من مختلف الجامعات الجزائرية والعربية والأوروبية، إلى أن الهدف الرئيسي من إطلاق مفاهيم تحليل الخطاب يكمن في رغبة الباحثين في توسيع حقول المعرفة وإطلاق حوار واسع بين أعضاء مخبر تحاليل الخطاب بتيزي وزو، والتنسيق مع باحثين آخرين عبر جامعات الوطن، وحتى الأجنبية منها، من أجل تطارح القضايا التي تمكن العالم من فهم علاقة خطاباتنا بفكرنا وإبراز دور اللغة في إنشاء الأبنية العرفنية.