قطعا لن نفكر في مراتب أولى في تقارير حرية الصحافة العالمية، ولن نفكر في احتفال تقيمه نقابة الصحافيين الجزائرية يوما ما، ما دام وجود نقابة الصحفيين وتقديمها لبطاقة الصحفي دليل ما على حرية مفترضة، في كل مرة نفكر في هذا الثالث باحتمال ثالث ثابت وهو الأجور.. بالتأكيد الأجر والتأكيد على الحياة الكريمة، قضية نبيلة لكنها مستطيلة في بلادنا، وتصل إلى حدود نهاية العمر، فما بالك بعمر الصحفي القصير والذي ينتهي بالسكتات القلبية والجلطات الدماغية، فقط لأننا نحارب الجدران السلطوية التي تضخ الإشهار كي تضخ الإسمنت المسلح. هل يمكن الحديث وسط كل هذا عن الصحفي المسلح أو عفوا الملتزم، وماذا عن الصحافة الملتزمة، هل هناك قضية يمكن أن ننحني أمامها ونقدم العمر لها، يعجبني التعريف الأنجلوسكسوني للصحفي الملتزم، حيث يقسم هذا النوع من الالتزام إلى نوعين، الأول هو الصحفي الملتزم النقدي، والخاص في الغالب بأصحاب التوجهات السياسية اليسارية أو اليمينية في كامل تدرجاتها من التعطف إلى التطرف، والذي يقدم أتباعه خطابا نقديا لكل ما يحدث ولا يوافق خطوطه العريضة. القسم الثاني وهو الصحفي الملتزم المشجع بمعنى أنه يشجع أمرا ما، ويكتب لينفذ هذا الأمر، مثل صحفي البيئة مثلا. هم يشجعون ما يعتقدون به ويقدمون رؤية واضحة تشجيعية لما يوافق ميولاتهم.. وهذا التقسيم صحيح إلى حد كبير، والتشجيع لا يقتصر على البيئة فقط، بل هناك فعلا من يكتب ليشجع جهة ما لأنها تدفع له، ويظل يشجع ويشجع حتى يصير مغلوبا.