يعاني ميزان الطاقة التونسي من خلل بسبب تراجع واردات إيطاليا من الغاز الجزائري المنقولة عبر أنبوب ”ترانسميد” الرابط بين الجزائر وإيطاليا مرورا بتونس، حيث يدر هذا الأنبوب ملايين الدولار في الخزينة التونسية سنويا. كشف مستشار رئيس الحكومة التونسية للشؤون المالية سليم بسباس، أمس، أن ميزان الطاقة التونسي يشهد خللا نتيجة تقلص عائد الغاز الطبيعي المتأتي من أنبوب الغاز الجزائري العابر إلى إيطاليا نتيجة تراجع الطلب الإيطالي بقرابة الثلث، وكذا تقلص الإنتاج التونسي من النفط مما دفع تونس إلى توريد احتياجاتها في ظل تراجع سعر صرف الدينار التونسي مقارنة بالأورو والدولار الأمريكي. وجاء قرار الحكومة الإيطالية بتخفيض وارداتها من الغاز الجزائري بسبب الأزمة التي تمر بها، حيث طلبت الحكومة الإيطالية من نظيرتها الجزائرية تخفيض سعر الغاز، ورغم أن هذه الأخيرة استجابت للمطلب الإيطالي حيث خفضت سعره شهر جوان الفارط ب85 سنتا خوفا من فقدان هذا السوق المهم، إلا أن السلطات الإيطالية لازالت تبحث عن موردين جدد، حيث أكد رئيس قسم الطاقة في الوزارة الإيطالية للتنمية الاقتصادية، ليوناردو سيني، أن بلاده بحاجة إلى مصادر إمدادات جديدة، حيث شرعت هذه الأخيرة في مفاوضات مع عدة بلدان لإمدادها بالغاز المسال كدول شرق إفريقيا وأمريكا الشمالية، وأضاف ذات المسؤول ”أن إيطاليا تحاول تنويع اقتصادها من الغاز الطبيعي المسال عن طريق خطوط الأنابيب”، ومن جهتها أكدت ”إيني” للنفط في وقت سابق، أنها توصلت إلى اتفاق مع ”سوناطراك” حول تخفيض كميات الغاز التي توردها الجزائر لإيطاليا، وتهدف الحكومة الإيطالية في خطتها الطاقوية لسنة 2013 إلى الحد من الاعتماد على الغاز الجزائري، وعليه بدأت البحث عن مصادر جديدة، من خلال خطوط أنابيب جديدة. وبناء على هذا، أكد الخبير الاقتصادي كمال رزيق في اتصال ب”الفجر” أن قرار الحكومة الإيطالية القاضي بتقليل وارداتها من الغاز الجزائري، سيؤدي إلى أزمة مالية في الجزائر حيث تتضرر مداخيلها لاسيما إذا كان هذا القرار ليس مؤقتا، لأن إيطاليا زبون أساسي ودائم للجزائر، في حين نوه رزيق أنه لابد على الحكومة الجزائرية إيجاد البديل والبحث عن أسواق جديدة في أوروبا بسبب قرب المسافة أو في إفريقيا، أو حتى في آسيا. ومن جهة أخرى، قال الخبير أن التجربة الجزائرية خلال السنوات الماضية توضح أن الجزائر عاجزة عن تنويع صادراتها خاصة وأنها تعتمد بشكل شبه كلي على عائدات المحروقات. وعليه دعا رزيق السلطات الجزائرية إلى ضرورة التقليل من فاتورة الواردات التي فاقت 50 مليار دولار، عن طريق الاعتماد على المنتوج المحلي على حساب المستورد وبهذا يمكن تخفيض فاتورة الاستيراد من 10 إلى 15 مليار دولار.