هاجم المخرج السينمائي والأكاديمي التونسي، وسيم القربي، منظمي مهرجان وهران للفيلم العربي بسبب بساطة وسذاجة حفل افتتاح الدورة السابعة رغم الإمكانيات الضخمة المسّخرة له، قائلا:”يمكن أن يكون أحسن بحكم توفر الإمكانيات، كما أنّ الجمهور غائب، حيث حرم من مهرجان هو ملكه”، ما يعني - حسبه - أنّ المهرجان مخصص للمنظمين وليس للجمهور الجزائري الذي تم سحب البساط من تحت قدميه. كما تحدث في حوار ل”الفجر” عن فيلمه ”أزهار توليت” وواقع السينما بتونس. بداية قدمت فيلمك القصير بعنوان ”أزهار تيويليت”، المشارك في المنافسة الرسمية للأفلام القصيرة، ماذا يحكي هذا العمل؟ العمل مدته 13 دقيقة، من إنتاج دار السينمائيين الموريتانيين بشراكة مع المغرب، العام الماضي، يحكي قصة رجل وزوجته يعيشان داخل كوخ، في بادية من بوادي موريتانيا داخل عزلة تامة بعدما قرر الهروب نحو المجهول إلى فضاء بعيد عن العالم والمجتمع، وخلال الرحلة يتفطن الى محاسن المرأة المرافقة له هناك، حيث يرى جمالها ويرى بالتالي حياة جديدة. كما يصور واقع التقاليد بالمنطقة العربية وشمال إفريقيا. من خلال تضحيته بالعنزة التي تعتبر مصدر رزقهم الوحيد من أجل ابنته التي تنشأ وتلقى نفس مصير أمها.. إنّها رحلة عجيبة في زمن صعب لا يرحم. شاهدنا في الفيلم لقطات توحي إلى الجنس ومفاتن المرأة، لماذا وظفت هذه اللقطات، وماذا حاولت أن تكشف من ورائها؟ صحيح، يحمل العمل بعض اللقطات التي توحي الى أشياء كثيرة، فهو حسب منظوري كله ”إيروتيك”، ولا يعني هذا أنني لا أستطيع توظيف مشاهد إيروتيكية أكثر من التي رأيناه، لكن بالنسبة لي الإيروتيك في القصة يبدأ من إبريق الشاي، منظر البحر والنار وكذا العقد الذي كانت ترتديه المرأة، وكل هذا يجتمع ويعطينا الحب، ويبقى كل واحد كيف يتصور ويتخيل هذه العناصر. بدا الفيلم مظلما وغير واضح في بعض المشاهد التي كانت عاتمة، ما السبب في رأيك، وهل أنت راض عن العرض؟ لست راضيا عن عرض الفيلم بسبب الصور التي تتخيلها خيالات ثلاثة، وهو ما أدى الى عدم وضوح الرؤية التي يمكن أن تكون السلبية الوحيدة في الفيلم بغض النظر عن المحتوى وطريقة التصوير والمعالجة واختيار الشخصيات المجسدة من طرف سالم داندو، الممثل الموريتاني، وعيشة هاشم التي تقمصت دور الزوجة، حيث كان من الممكن أن يكون العرض جميلا لو لم تكن هناك تلك المشاهد المظلمة التي أفسدت منحى العمل. بالإضافة إلى أنني لم أتواجد أثناء عملية التصوير بموريتانيا، حيث اكتفيت فقط باستلام نسخة من الشريط.. وهذا ما حصل. أنت أكاديمي تونسي مختص في السينما العربية، كيف ترى مهرجان وهران لفيلم العربي ومكانتة في الساحة السينمائية العربية بعد 7 طبعات، حضرت منها أنت 4 طبعات؟ سأتحدث بكل صراحة ولا أجامل وأقول أنا في بلدي الثاني الجزائر، كما يقول البعض، فحقيقة مهرجان وهران للفيلم العربي يعتبر بالنسبة لي من أبرز المهرجانات السينمائية العربية، ربما لكوني أجد راحة باعتبار تواجد أصدقاء جزائريين كثيرين لي هنا، وهذا ما أعتبره فرصة مناسبة لا أجدها في المهرجانات العربية أو الأجنبية الأخرى للتعرف على الصحفيين والمخرجين والفنانين الجزائريين والعرب بدون استثناء. لكن من خلال ما نراه من توفر كبير للإمكانيات في هذه الفعالية، أعتقد أنّ المنظمين مقصرون في حقه كثيرا بالنظر الى النقائص الجمة التي يراها العام والخاص، والتي تعتبر سلبيته الوحيدة. كان يمكن أن تكون صورة المهرجان أحسن لو تم تداركها، هي بالدرجة الأولى تنظيمية، فحسب رأيي من المفروض في سهرة الافتتاح أن تكون بفرقة جزائرية تمثل الفنون الشعبية لمنطقة حتى تبرزها وتعطي الخصوصية التي تتميز بها الجزائر، ولا يكون بفرقة موسيقية عصرية، وهذا لا يعني أنني أقلل من شأن الفرقة، غير أنّ الأمر واضح جدا، على الأقل تبرمج خلال المهرجان وليس يوم الافتتاح، وبالتالي كان بالإمكان أن يكون حفل الافتتاح أحسن وأقوى يضاهي افتتاحات المهرجانات العربية والأجنبية، فقاعة ضخمة تتسع لمئات الأشخاص مثل قاعة المؤتمرات بفندق ”الميريدان” ويغيب فيها الجمهور.. هذا إجحاف في حق الجمهور الجزائري وشيء مؤسف يدعو للقلق، لذلك تجدني مستغربا دائما منذ بدأت حضور هذا الحدث العربي سنة 2010، وأنا لا أرى الجمهور وكأن الجمهور غير موجود، فالمهرجان منجز للجمهور وليس للمنظمين، ونحن نعرف مهرجانات أخرى تترك الجمهور يحضر حفل الافتتاح أو الاختتام أو باقي النشاطات مثل العروض السينمائية.. بعد ”أزهار تويليت” هل لديك مشاريع سينمائية في الافق؟ أجل، لقد قمت بتصوير فيلم وثائقي عن الهوية الأمازيغية في تونس، زمنه 44 دقيقة، قدم عرضه الأول في نيويورك سنة 2013، كما انتهيت مؤخرا من تصوير فيلم في موريتانيا مع نفس دار السينما سيدخل قاعات العرض بعد شهرين من الآن. ألا تفكر في إنجاز فيلم عن ثورة الياسمين، هذه الثورة التي غيرّت مجرى الحكم في تونس بفرار بن علي وحلول رئيس آخر في منصبه؟ لا، أبدا، فالفيلم الذي صورته بموريتانيا يحمل نسائم الثورة ولكن ليس بطريقة مباشرة وجلية، وهذا ما أعتبره خيارا باعتبار أنني لا أحب أن تكون الأشياء مباشرة عن حدث معين، فحسب وجهة نظري تبقى الثورة غير مكتملة فلما تكتمل تستطيع إنجاز عليها فيلم. كما أن هناك من يوثق للثورة من كتاب ومؤرخين ويمثل بها في المهرجانات العربية والدولية، لكن أنا شخصيا لا أميل إلى هذا الطرح كوني أختار العمل على الجمالية والفنية أكثر من التوثيق، رغم أنّها ثورتي وتعنين أكثر من اي فرد تونسي، ولذلك أنا أرى خلفية الشاشة ولا أرى من أمام الشاشة. ركب بعض المخرجين والمنتجين قارب الثورات، حيث أنتجوا افلاما تتحدث عن الثورات العربي بما فيها التونسية بشكل سريع وفي زمن قصير له إيجابيات كما له سلبيات، ما قولك في هؤلاء؟ توثيق الثورة وتصويرها في عمل سينمائي مهم، شريطة توفر القناعة لدى المخرج أو المنتج وحتى الممثل، وإذا كانت لغاية تجارية فهذا شيء آخر، وأعتقد أنّ من ركب قارب الثورات فإنّه يسعى للربح على حساب السينما والإبداع والثورة كذلك، فهناك من المخرجين من يفكرون تجاريا ولهم الحق في ذلك. أمّا بالنسبة لي أنا مستقل حتى عن وزارة الثقافة التونسية وليست عندي غايات لهذه النتيجة، أحب تقديم اعمالي سينماتوغرافية حقيقية.