مخطئ من يقول بأن أمريكا ألقت سلاحها بسوريا، ومخطئ من يقول بأن أمريكا تراجعت عن مواقعها أو مواقفها فيما يعود للوضع السوري، ولكنها الأفعى بكل المقاييس والمعايير فهي تعيد تموقعها بطرق جديدة ومختلفة، والذي يراقب الحراك الصهيوني ومعه حراك الذيول الإقليميين يدرك أن الأمر لا يعدو كونه إعادة للتموقع والإنتشار، وما الغضبة السعودية وقبلها الإسرائيلية إلا تعبيرا عن موقف مخفي يكون الإتفاق قد تم بشأنه من قبل المخابرات الأمريكية، وإلا متى كان الذيل يتحرك خفية عما يدور برأس صاحبه؟ فما يسمى بأصدقاء سوريا بأعضائه الأحد عشر عاد لينعقد بزخم أكبر وعزيمة أشد وإرادة أقوى وخطط جديدة، عشية انعقاد ”جنيف 2” وذلك قصد مواجهة المشاركين فيه بإستراتيجية مدروسة، وأطراف المعارضة السورية بالرغم من صراعاتهم التي أتت على البعض وأبقت على الآخر ”بقاعدتهم ونصرتهم وداعشهم” عادوا وبأوامر أمريكية واضحة للعزف على نفس الأوتار وبنفس الشعارات المتناقضة، فهم يرفضون دخول إيران ويرفضون حتى الإبقاء على الأسد مفاوضا ويرفضون المشاركة التي لم تحدد جهاتهم فيها بعد، إلا بعد التعهد بألا يكون للأسد دور في الحلول المقترحة، وهذه هي الشعارات والمواقف التي ينبغي الإعتراف بأنها ماتت ودفنت مع الإنتصارات التي حققها وما زال يحققها النظام السوري على جحافل المرتزقة، إلا أن أمريكا ذات الوجهين والمكيالين بل الأوجه والمكاييل المتعددة وذات الإزدواجية المعروفة تلعبها، ولكن بشكل مفضوح فهي تراوغ وتراوغ وتتقلب وبالظبط كالأفعى، ومن حق المراقبين وحقنا أن نتساءل: إلى أين تتجه أمريكا بذيولها وحلفائها؟ وإلى أين تريد أن تصل بالحدث السوري أإلى المزيد من إراقة الدماء وإحداث المزيد من الدمار؟ وهذا شأنها أم إلى التهدئة والوصول بالبلد إلى بر السلامة والأمان؟ وهذا ما يتعارض مع مخططاتها وطبيعتها العدوانية؟ نحن لا نستغرب هذا ولكن المستغرب أن نجد مصر وقد عادت إلى موقعها فيما يعرف بفريق ”أصدقاء” سوريا وهم في الواقع ليسوا إلا أعداء سوريا وأعداء الشعب السوري وأعداء الإستقرار بالمنطقة العربية برمتها، التزاما بما اخترعته أمريكا وتعهدت به وهو ما يعرف بالفوضى الخلاقة للمشاريع الصهيوأمريكية حتى تغرق المنطقة وما بقي منها حتى الساعة بعيدا عن أتون المعركة في بحر من الدماء، فمتى نصحو وتصحو أمتنا وتصبح قادرة على أن تقول لأمريكا ومن مع أمريكا وبصوت واحد مرتفع: كفى دمارا وكفى تآمرا وكفاكم إراقة واسترخاصا لدمائنا وأرواحنا؟