تعاني موانئ صيد الأسماك في ولاية سكيكدة، بكل من سطورة والقل والمرسى، منذ عدة سنوات، من مشاكل مادية وتقنية وتنظيمية غير مرشحة للاختفاء على الأقل في السنوات القليلة الماضية. وقد تجلت هذه العوائق بصفة خاصة خلال زيارة العمل التي قام بها الوزير المكلف بالقطاع بداية الشهر الجاري. يشتكي الصيادون بولاية سكيكدة من قلة الوسائل الموضوعة تحت تصرفهم ومن بينها على الخصوص قلة قوارب الصيد والسفن القابلة للصيد في المسافات الطويلة وقوارب صيد السردين الحقيقية ذات التجهيزات العصرية المتطورة، ويطالبون منذ عدة سنوات بتجديد كلي للأسطول الحالي الذي لم يعد قابلا للاستعمال ويتآكل من سنة لأخرى. وقد أثرت هذه الوضعية على حركة الصيد التي أصبحت تكتفي بالصيد في مسافات قريبة من السواحل وبوسائل المهن الصغيرة. ويخلق هدا النوع من الصيد حركة اكتظاظ شديدة في الميناء لا نظير لها، ويؤدي على الأمد القصير والمتوسط الي استنزاف الاحتياطي السمكي الموجود في المسافات أقل من سبعة آلاف ميل بحري، إضافة إلى تشتت المدخول اليومي للصيادين ذاتهم وإحداث فقر حقيقي في الحركة العامة للنشاط البحري. ولقد دقت عدة جمعيات وتنظيمات ناشطة في المجال البحري ناقوس الخطر لإيجاد حل لهذا الوضع غير المناسب، إلا أن الاجراءات التنظيمية والعملية القادرة على مجابهة المشكل مازالت لم تجسد لحد الآن في الميدان. وتفتقر الموانئ الثلاثة منذ زمن ليس بالقصير لكل ما يمكن وصفه بالعوامل المكملة والمساعدة على تحريك وتنشيط حركة صيد الأسماك في الولاية، ومنها الغياب الكلي لورشات اصلاح السفن وقوارب الصيد وانعدام مراكز بيع عتاد الصيد التي أنشئ البعض منها في بداية سنة 1984، في إطار برنامج المؤسسة الوطنية للصيد البحري قبل أن تختفي نهائيا، وانعدام ورشات حقيقية لصناعة السفن ولو في اطار تشجيع الاستثمار في هذا الميدان الحيوي المهم للصيد ماعدا ببعض الدكاكين الصغيرة والقليلة العدد في بعض الجهات، والتي لا يمكن وصفها بالورشات الحقيقة. وتزداد وضعية الموانئ سوءا من سنة لأخرى في مجال النظافة والوقاية والأمن داخل المواني والتكفل بعمليات صرف المياه، علاوة على افتقارها لمراكز التخزين ومراكز بيع السمك وكذلك المسمكات التي كان يفترض أن تتواجد في كل هذه المؤسسات المينائية كواحدة من الإمكانيات الضرورية للعمل ولترويج المنتوج. النقص الفادح في الوسائل البسيطة لصيد الأسماك دفع الصيادين إلى أخذ المبادرة في جلب خيوط وشباك بسيطة للصيد من تونس بأسعار مرتفعة ووسط إجراءات معقدة ومضنية، ومازالت العملية متواصلة منذ سنين في غياب إجراءات عملية من القطاع لتوفير الخيوط والشياك المطلوبة في كل مرة وفي كل موسم صيد. سكيكدة تحتوي على أكبر محزون احتياطي من السمك للعلم فإن ولاية سكيكدة تحتوي على أكبر مخزون احتياطي من السمك بالسواحل الوطنية، وتتواجد فيها كل انواع الاسماك التي تعني الفقراء كالسردين والأغنياء كالجمبري. وتجلت هذه الحقيقة في الدراسة العلمية التي قامت بها الباخرة العلمية سنة 2011، ولكن الأسطول البحري الحالي لا يتعدى 440 قارب، وسفينة ذات حجم صغير، وهو عدد ضئيل لا يتلاءم مع إمكانيات الولاية في مجال صيد الاسماك ولا مع الشباب الذين يتخرج كل سنة من المدرسة الوطنية للصيد البحري بمدينة القل. وتجمع آراء ومطالب الصيادين على إعادة بعث النشاط الحقيقي لحركة الصيد وللموانئ الصيدية بقوة وبتدرج، إلى ان تصل إلى مداها ومستواها الحقيق والمأمول في بضعة سنوات، غير أنه لن يتحقق إلا بتزويد الصيادين وعلى نطاق واسع ببواخر جديدة تتناسب مع كل المسافات ومع كل أنواع الصيد في المسافات الصغيرة والمسافات البعيدة والتكفل بالعوامل المكملة للمهنة، وكذلك تشجيع الاستثمار وإنهاء الإجراءات البيروقراطية المعقدة والسارية حاليا.