تطرقت الباحثتان لوست بولدينة ودينيس ديدرو، خلال المحاضرة التي ألقيت مؤخرا، بالمركز الثقافي الفرنسي بالعاصمة، وذلك بمناسبة عيد المرأة، حيث تحدثت الباحثتان عن موضوع الهجرة عند فرانس فانون وكاتب ياسين، وبررت بولدينة تطرق كاتب ياسين إلى الهجرة من منظور سياسي إلى التداخلات ضمن أعمال كاتب ياسين الملتزمة والواضحة المعنى والمغزى والمشحونة بالصور والأفكار والمعاني، حيث تتميز بحس شعبي صادق ورؤية سليمة للواقع، وتحكي قصة التشرد ولحظات النفي والهجرة، والغربة والوحشة التي عاشها، وفي روايته ”نجمة” يروي قصة الجزائر ويتحدث عن ناسها، وواقعهم المر وعن القهر والتمرد والثورة والعشق الحقيقي لجوهر الكيان الجزائري العام. وهذه الرواية تحمل بعداً رمزيا لحرب التحرير الوطني وتطفح بالمشاعر الإنسانية النبيلة وتتضمن بين جنباتها دفئاً إنسانيا، وإحساسا عارما بإنسانية الإنسان وشعوراً مفعما بهمومه وآلامه وأوجاعه وعذاباته وتبشر بالاستقلال والتحرير المنشود والمأمول. وخلاصة القول أن كاتب ياسين عاش تجربة عصره وشارك في هذه التجربة وحاور الروح الجزائرية وعكس أحلام الشعب وتطلعات الثورة، ودعا إلى تحريك الراكد، وعدم التصالح مع الواقع البائس والمأزوم. وشكلت أعماله الإبداعية إضاءة في سماء الأدب الإنساني الجزائري وجعلته من أبرز منارات وعلامات التحول والتغيير في الثقافة الوطنية والديمقراطية الجزائرية، وكانت حياته خطوة في درب النضال نحو سعادة ورفاهية، وخلاص كل المسحوقين والمضطهدين، والمقهورين والمعذبين بإقامة مجتمع الحرية، والعدالة الاجتماعية. أما فرانس فانون الذي عرف بنضاله من أجل الحرية وضد التميز، والذي عمل طبيبا في الجزائر في فتره الاستعمار الفرنسي. وبالرغم من كونه فرنسيا انضم فرانز فانون إلى الثورة وصار سفيرا لجبهة التحرير الوطني في غانا، وحاول فرانز فانون الطبيب النفسي والفيلسوف الاجتماعي تشريح ظاهرة الهجرة من خلال مؤلفه الشهير ”جلد أسود وأقنعه بيضاء” فعلل أسبابها المزروعة في نفوس الشعوب المستعمرة التي تعيش حالة من الإحساس بالدونية تجاه الدول التي استعمرتها، كما واصل في كتابه الثاني ”معذبو الأرض” التطرق لفكرة الهجرة، ومحاولة وضع أسس لمقاومتها، واتسمت أفكار فانون بتحاشي التقليل من قيمة شعوب العالم الثالث فالمظالم التي يدينها ويرفضها فانون بقوه وأتباعه ما زالت معنا حتى اليوم، واختتمت الباحثتان المحاضرة بالقول أن أفكار فانون وكاتب ياسين ما زالت تحوم حولنا، وما زالت تتحدانا حتى نضع صوره لعالم أفضل.