يسلطّ أساتذة ودكاترة مختصون في التراث بمختلف أنواعه الضوء على إشكالية التراث الثقافي بين المهارة والمعرفة في زمن الرقمة، وواقع الأمثال والحكم وفنون الكلام في ظلّ التطور السريع للتكنولوجيا، وذلك في المنتدى الوطني الذي تنظمه مديرية الثقافة لولاية المدية بالتنسيق مع جامعة الولاية يومي 14 و15 ماي الجاري ببرنامج ثري ومهم. المنتدى الذي يشرف عليه قسم الفنون، في إطار الاحتفاء بشهر التراث، ينطلق يوم الأربعاء المقبل، بحضور رئيس الجلسة الصباحية الدكتور صادق خشاب، من جامعة المدية، سيعرف مشاركة محاضرين من مختلف الجامعات الجزائرية على غرار الأستاذ، نشاذ حكيم، صبري أيوب، برن رمضان فيروز ومحروق إسماعيل الذي سيقدم مداخلة تحت عنوان ”رقمنة التراث ودورها في الترويج للتراث اللامادي وعقلنة استغلاله”، إلى جانب ما تتناوله المحاضرة أ. شابلي فهيمة حول ”دور التكنولوجيات الحديثة في المحافظة على التراث اللامادي”، وفي السياق سيكون الموعد مع برمجة عديد المداخلات والندوات الأخرى التي تأتي مختلفة في مواضيعها ولكن تهدف إلى حماية التراث من الاندثار والزوال، في ظل تطورات العصر التي تتقدمها الرقمنة، سيما ما تعلق بالأمثال والحكم وفنون الكلامكيفية حفظها واستغلالها، ناهيك عن التركيز على المخطوط ووضعه اليوم بالجزائر. حيث يكون حفظ التراث اللامادي موضوع نقاش من خلال الحب الإلهي عند شعراء التصوف، تشرف على تقديمها الأستاذة أيت محند نورية، إضافة إلى محور ”لعبة الفال والبوقالات وتحديات العولمة ووسائل الإعلام”، والذي سيناقشه طلبة الجامعة. في السياق ذاته تعرف أشغال الحدث في يومه الثاني إماطة اللثام عن كيفية توظيف وسائل الإعلام والتكنولوجيا في حماية الموروث الشفوي، دراسة حالة وكذا ماهية وسائل حفظ البوقالة في ذاكرة الشعوب من خلال الزاوية الهبرية في مدينة المدية. أمّا تراث بني ميزاب، فيكون محط اهتمام الأستاذة بن رمضان فيروز التي تكشف عن آليات حفظه وسط الزوال الذي يلاحقه، إلى جانب تسليط الضوء على تراث المخطوط ودوره في حفظ عناصر الهوية الوطنية وكذا تأثير الإعلان في توجيهات الأفراد نحو التراث الثقافي اللامادي. ومما حملته توطئة الحدث أنّ عراقة وأصالة الأمم تقاس بموروثها الحضاري والثقافي، لكن مع الثورة الاتصالية والتكنولوجية المهولة وهذا التسارع الكبير في الأحداث عبر العالم وهذا المد العولمي الجارف، الذي يهدد الخصوصيات الثقافية والأنثروبولجية، مما قد يسبب هزات واختلالات على المستوى الثقافي والاجتماعي، بات لزاما على المؤسسات والهيئات الثقافية على تعددها واختلاف أدوارها إعادة النظر في سياساتها تجاه موروثها الثقافي والتأسيس لاستراتيجيات عصرية مواكبة ومتناغمة مع التطورات الحاصلة على الصعيدين الرقمي والاتصالي وتسخير هذه الآليات في حفظ التراث والترويج له عبر هذه الوسائط، ليكون التراث مستمر الحضور في الزمان والمكان، متوفرا متاحا هنا والآن، كما طرحت تساؤلات أبرزها هل قمنا حقا بجرد موروثنا الثقافي وإخضاعه للتحقيق والدراسة والتدقيق من أجل حفظه واستغلاله ثم الترويج له؟ وهل نمتلك الآليات الكفيلة بذلك؟، إلى أي مدى يمكن الاعتماد على الآليات والوسائط الالكترونية في جرد هذا المورث ورقمنته ومن ثم حسن استغلاله؟. وغيرها.