على غير العادة مرت الذكرى الرابعة والعشرون لأحداث 5 أكتوبر 1988، مرور الكرام، لاسيما لدى الطبقة السياسية، رغم الوضع الاستثنائي الذي تعيشه المنطقة العربية وجوار الجزائر، الذي لا يختلف كثيرا عن أحداث 1988، التي مهدت لميلاد التعددية السياسية والإعلامية والنقابية وطلقت نظام الحزب الواحد. في سابقة هي الأولى من نوعها ما بعد تاريخ 5 أكتوبر 1988، غيّب الجزائريون وعلى غير العادة كل مظاهر الاحتفال بهذا اليوم الذي غيّر مجرى التاريخ السياسي للبلاد، ولم يكتفي تغييب الاحتفال بالذكرى 26، على ثورة أو انتفاضة 5 أكتوبر 1988، عند عامة الناس، لاسيما أولئك الذين عايشوا الحدث وناضلوا من أجل الديمقراطية والتعددية السياسية والإعلامية والنقابية بعيدا عن أي عباءة تنظيمية، أو أولئك الذين نددوا بالوضع القائم آنذاك من داخل حزب جبهة التحرير الوطني، بل تعداه إلى الطبقة السياسية، خاصة المعارضة التي لاتزال بين الحين والآخر تطالب بتجسيد ما تمخض عن انتفاضة أكتوبر، والتخلص النهائي من عقلية تسيير شؤون البلاد بنظام الحزب الواحد، حيث لم يتم إصدار ولو بيان واحد، ولم تنظم ولا ندوة صحفية، فهل تخلت الأحزاب السياسية المعارضة عن ذكرى أكتوبر 1988 لاسيما وأن الوضع عندها وما تقوم به من مبادرات سياسية مختلفة، من أجل تغيير الوضع القائم، كالبحث عن الإجماع الوطني، شبيه بالوضع الذي ساد الجزائر قبل انتفاضة أكتوبر 1988؟ والأمر نفسه على الصعيد الإقليمي والخارجي، حيث تعيش المنطقة كتونس ومصر وليبيا، أوضاعا تشبه إلى حد ما، الوضع الذي عاشته الجزائر يومها، حين خرج الشعب يطالب بفصل الدولة عن حزب جبهة التحرير الوطني، وتوزيع عاد للثروة، وإقرار التعددية السياسية والإعلامية والنقابية، وهو ما استجاب له النظام القائم آنذاك بقيادة الرئيس الراحل الشاذلي بن جديد، الذي أقر دستورا تعدديا لأول مرة في تاريخ الجزائر سنة 1989. لكن يبقى الحديث اليوم عن انتفاضة أكتوبر 1988، والتأريخ لها صعب، خاصة وأن الشخصيات والمسؤولين الذين كانوا في قلب النظام، رحلوا الواحد تلو الآخر، منهم الرئيس الشاذلي بن جديد، ومدير ديوانه اللواء العربي بلخير، وقاصدي مرباح والقائمة طويلة.