أكد خبراء المركز الوطني للزلازل المتواجد بأعالي مدينة بوزريعة، غرب العاصمة، أن مهمة ”الكراغ” تتعدى رصد وتسجيل مركز الهزات الأرضية وكذا قوتها حسب سلم رشتر عند حدوثها، بل تعمل كذلك على توجيه أعوان الحماية المدنية إلى مكان الضحايا في حالة تسجيل الانهيارات من أجل إنقاذهم من تحت الردوم، مشيرا الدكتور والباحث محمد حمداش، أن الجهات الوصية على بعث المشاريع التعميرية لا تطلب استشارتهم من أجل صلاحية تلك الأوعية العقارية في جميع مشاريعها، على غرار السكنية ومقرات الوزارات وباقي الهيئات الرسمية وغيرها. كانت ل”الفجر” جولة مؤخرا إلى مقر المرصد الوطني للزلازل الكائن بأعالي مدينة بوزريعة، بالجهة الغربية للعاصمة، أطلعنا خلالها بعض الخبراء العاملين بمجال الجيوفيزياء والعلوم الفلكية على نظام رصد الزلازل الذي يشبه إلى حد متطابق التخطيط الخاص بقياس نبضات القلب، حيث تسير تلك الخطوط المنحنية بشكل منتظم عبر شاشات الكمبيوتر الموصولة بجهاز قياس الزلازل ”رشتر”، وبمجرد تسجيل أي هزة أرضية يتغير تحرك تلك الخطوط وكذا علوها حسب قوة الزلزال، بسبب المراقبة الدائمة للنشاط الزلزالي بمنطقة شمال إفريقيا. وباعتبار اعتماد ”الكراغ” على أجهزة متطورة جدا وعالية الدقة بعد اعتمادها على النظام الرقمي منذ سنوات طويلة، صار بإمكان المركز رصد أصغر الهزات الأرضية، حتى ولو كانت بقوة 0.1 على سلم رشتر، مؤكدا الدكتور والباحث محمد حمداش، أنه لا يمكن للمركز إعطاء النتيجة بمجرد تسجيل الهزة الأرضية إلا بعد نصف ساعة من حدوثها كأقصى تقدير. وأكد بهذا الصدد أن تكرار الهزات الأرضية في السنوات الأخيرة بمنطقة شمال إفريقيا يعود للطاقة المنبعثة نتيجة تصادم الصفحات الأرضية بين شمال المنطقة والقارة الأوروآسيوية، والدليل على ذلك الزلازل القوية المسجلة في القرن ال 19 على غرار تلك المسجلة ب1891 بمدينة الشلف، و1758 بتونس، و1716 بالجزائر العاصمة، وكذا الزلازل المسجلة خلال هذ القرن التي عرفت قوة كبيرة بدءا من زلزال الأصنام 1980، وبعدها 2003 ببومرداس وآخرها كانت المسجلة شهر أوت 2014، حسب ما تكشف عنه المصلحة المختصة بتأريخ الزلازل ب”الكراغ”. ولدراسة هذه الظواهر وحيثياتها لابد من المراقبة المستمرة، وهي أحد المهام الرئيسية للمركز، وتتم باستعمال شبكات بالمحطات الزلزالية المثبتة بشمال البلاد، إضافة إلى محطات مختصة بالمراكز القريبة وأخرى للزلازل البعيدة عن شمال الجزائر. تحصين مقر الشبكة الزلزالية الرقمية الجزائرية لاحظنا خلال الجولة الميدانية التي قادت ”الفجر” إلى مقر الشبكة الزلزالية الرقمية الجزائرية بأعالي مدينة بوزريعة، تحصين هذا المقر وإنجازه باتباع نظام بناء مضاد للزلازل ومقاوم للهزات الأرضية، لاسيما أن نظام عمل المؤسسة هناك بدوام كامل لضمان المراقبة المستمرة 24/24 ساعة طيلة أيام الأسبوع، عبر 35 محطة تيليمتري و45 محطة رقمية حديثة. وقد أنشئ هذا المركز العام 1987 ومتواجد في الطابق تحت الأرضي، ومنذ ذلك الحين يقوم المركز بإعداد الدراسات الخاصة بالنشاط الزلزالي وكذا قياس قوة الهزات الأرضية التي تحدث بشكل مستمر ولا يشعر بها الإنسان بشكل دائم لضعف قوتها على الغالب، حيث يسجل ”الكراغ” بين 80 إلى 90 هزة خلال الشهر الواحد متفاوتة الدرجات. زلزالا الأصنام وزموري في كتاب قامت المصالح المختصة بالمركز الوطني للزلازل ببوزريعة، وهي المسئولة عن التأريخ للزلازل القوية التي شعر بها سكان الجزائر منذ سنوات طويلة، بإعداد كتاب عن زلزالي مدينة الأصنام بولاية الشلف 1980 وزلزال زموري بولاية بومرداس 2003، حيث تم رصد أزيد من 7 آلاف هزة متتابعة عقب هذا الأخير فقط، إلى جانب إعداد مجموعة تقارير علمية كانت سببا في فهم الظواهر وتحليل مسبباتها وتوقع تبعاتها، حيث قام في عام 1995 الدكتوران والباحثان في علم الجيوفيزياء والفلك، الحاج بن حلو ومزغود، بإنجاز تقرير مفصل عن النشاط الزلزالي التي سجلت منذ العام 1365 إلى غاية العام 1995. ”الكراغ” يساهم في الاستدلال على ضحايا الردوم وعلى هامش الزيارة أكد المختص بدراسة النشاط الزلزالي، الدكتور محمد حمداش، أن المركز لا يعلم الغيب ولا يمكنه توقع حدوث زلزال في أي وقت، بل مهمته هي رصد وتسجيل الزلازل بعد انكسار الطاقة، وما يمكنه من إظهار وقوع زلزال في وقت معين في بعض الأوقات هو تغير حركة الحيوانات وتصرفاتها التي يمكن من خلالها التنبؤ أحيانا بحدوث زلزال، ما كما حدث في الصين حين لوحظ هجرة الفئران بأعداد كبيرة لأحد مدنها، ما جعلهم يهربون المواطنين قبل الزلزال الذي ردم المدينة بكاملها. وبالعودة ل”الكراغ” فإن مهمته تتعدى رصد قوة الهزات الأرضية ومركزها، إلى إرشاد أعوان الحماية المدنية عقب تسجيل الزلازل ووقوع الانهيارات إلى مكان تواجد الضحايا تحت الردوم. لابد من استشارة ”الكراغ” في المشاريع التعميرية.. أكد الخبراء والمختصون في مجال الجيوفيزياء والعلوم الفلكية بالمركز الوطني للزلازل، على ضرورة استشارة هيئتهم في جميع المشاريع التعميرية سواء المتعلقة بالمجمعات السكنية الحديثة، وحتى التعميرية بالنسبة للهيئات الرسمية والمقرات الوزارية التي تعتزم الحكومة إنجازها، وذلك بهدف الاطلاع على مدى قابلية الأوعية العقارية المختارة لإنجاز مثل هذه المشاريع الهامة للغاية، والتي تخدم مصلحة المواطن بالدرجة الأولى، والتي تصرف بغرض إنجازها ملايير الدينارات بهدف إنجاز مقرات جديدة وخاضعة للنظام المضاد بالزلازل، ومن ثم عدم تكرار الأخطاء المرتكبة بالمقرات القديمة المنتشرة بربوع العاصمة العتيقة، والتي تفتقر للمعايير الواجب احترامها في إنجاز مثل تلك المشاريع في منطقة معروفة بنشاطها الزلزالي.