الشعب برمته حارب فرنسا “ و”الثورة قام بها الجميع والجزائر حررها الجميع “.. ومقولات اخرى كثيرة بنفس المعنى روج لها من لم تكن لهم علاقة بالثورة او من كانت لهم علاقة مشبوهة بها .. كلا الثورة لم يقم بها الجميع والجزائر لم يحررها الجميع.. كان ثمة من قام بالثورة وهم من حرروا الجزائر. من كانوا في الجحور او في ثكنات الجيش الفرنسي كانوا اما نعاجا او خونة. وعبارة “ الشعب برمته “ قاوم او شارك في الثورة او احتضن الثورة كلمة مبتذلة لا معنى لها وتنم عن انتشار البهتان وتمدده في الزمان. فمن كافح شعب ومن كان في الجحر شعب ومن خان البلد شعب. كلهم شعب واحد بوجوه متعددة وبأدوار متناقضة. لا يعقل لثوري ان يقول ان عدوي كان معي ثوريا أو ان جبانا يخاف من ظله يشاركني الرجولة. لو انتظر الابطال الجميع ما وقعت الثورة ولا تحررت الجزائر.. عند وقف اطلاق النار في 19 مارس 1962 كان عدد الحركى أضعاف عدد المجاهدين الذين عادوا من المعترك حسب بعض المصادر كان عدد المتعاملين مع المصالح العسكرية والامنية الفرنسية يقارب ربع مليون جزائري فيما عدد المجاهدين الاحياء بضع عشرات الآلاف.. استفتاء جويلية كان بالتأكيد لصالح الاستقلال لكن ليس بالنتيجة المعلنة.. تم الاتفاق على تضخيم الرقم “ حفاظا على النسيج الاجتماعي “ الممزق اصلا.. فلقد بدأت موجة واسعة من تصفية الحسابات وقتل آلاف من الحركى والبياعين الخونة بيد مجموعات موالية للثورة بداية من يوم وقف اطلاق النار وتواصلت طيلة ما تبقى من العام 1962 الى ان صدرت القرارات التي تمنع وتجرّم من قتل الحركى. ولم يحاكم حركي واحد لانه اقترف جرائم.. صدر العفو في حق الجميع، وهي النسخة الاولى من المصالحة الوطنية التي تعيد العذرية لمن فقدها. خرج الحركى والبياعون المعروفون من مخابئهم انسابوا وسط المجتمع أمام دهشة الجميع، بينما كانت هوية آلاف آخرين غير مكشوفة خاصة في بعض المناطق التي تم بها احراق مكاتب الارشيف كما حدث في بوقاعة غداة اعلان وقف النار. حيث احرق “ مجهولون” قسم الارشيف في مقر الدائرة كما اتلفوا ملفات في المحكمة. انساب الحركى والبياعون وسط المجتمع تماما كما انساب الارهابيون بعد التوأم الجميل (الوئام المدني والمصالحة الوطنية) ثم دخلوا المؤسسات “بصحانة الوجه” تماما مثل “صحانة الوجه” عند مدني مزراق وعبد الحق لعيايدة واحمد بن عيشة و مصطفى قرطالي والآخرين الذين يريدون بعد الانتهاء من مهمة القتل تشكيل احزاب سياسية للمنافسة “ السلمية” على حكم الجزائر، بعدما تُنسي الايام والهموم الناس جرائمهم. كثير من الحركى هربوا لفرنسا وبالتأكيد هم نادمون لان امثالهم الذين لم يتسرعوا وبقوا في الجزائر صاروا في ارقى مستويات المجتمع الجزائري مالا ونفوذا. ومنهم من حصل على عضوية المجاهد بشهادات زور في التاريخ المزور بنتيجة تعادل نتيجة الاستفتاء. الخونة لم ينسوا ان المجاهد الحقيقي وابن الشهيد الحقيقي وارملة الشهيد الحقيقي هم اعداء، وظلوا يكيدون لهم الكيد وبسيؤون اليهم متى استطاعوا. بينما نسي ابن الشهيد والمجاهد وابن المجاهد خيانة الخونة بسخاء ساذج في معظم الاحيان. الاكيد أن الابطال الذين حاربوا والابطال الذين قادوا مفاوضات الاستقلال بحنكة لم يكونوا ابدا يتصورون ان تصير الجزائر الى ما هي الآن.