استمتع جمهور المسرح الوطني الجزائري بالأداء الراقي لفرقة “الڤوسطو”، التي استعادت مساء أول أمس روائع الأغنية الشعبية الجزائرية لكبار المشايخ، في صورة الحاج امحمد العنقى، الهاشمي ڤروابي، ودحمان الحراشي، ناهيك عن سليمان عازم والحسناوي أمشطوح. فرقة “الڤوسطو” المكونة من مجموعة من المشايخ والشبان الذين تتلمذوا على يد كبار الشعبي، مثل الشيخ عبد القادر شرشام الذي يعتبر من تلاميذ الحاج العنقى، إضافة لعبد المجيد مسكود، الشيخ اليامين ومحمد الفركيوي وروبرت كاستيل الذين اجتمعوا تحت غطاء واحد ليقدموا باقة من الأغاني الشعبية رقص على أنغامها الجمهور الذي توافد بقوة على المسرح الوطني الجزائري، خصوصا أنها المرة الأولى للفرقة في الجزائر بمبادرة من السفارة الأمريكية. وعادت الفرقة بعشاق هذا الفن الأصيل، وعبر عبق الاغاني الشعبية ك”قولو لشهلة لعياني”، “الجزائر لحبيبة” التي أداها الشيخ اليامين، وأغنية “أجيني وأجيني” لروبرت كاستل، وهو نجل الفنان ليلي العباسي الذي قال أن الموسيقى لغة عالمية وسيبقى يعزف ويغني إلى آخر رمق في حياته. وبلغت السهرة ذروتها مع أغنية “ساني ساني” للحسناوي أمشطوح، وأدتها الفرقة جماعة، لتليها مجموعة من ورائع أخرى للشعبي أداها تلميذ العنقى عبد القادر شرشام ورشيد بركاني. والملاحظ في أعضاء الفرقة أنهم يسعون للحفاظ على هذا الموروث الثقافي الذي يعتبر جزءا من الثقافة الجزائرية الأصيلة، حيث اجتمع هؤلاء الفنانون المولعون بفن الشعبي، والذين فرقتهم الظروف بعد فراق دام نصف قرن، فكان الشيء الأجمل والحميمي المليء بالمشاعر في حكاية هؤلاء هو الالتقاء مجددا، العزف والغناء معا في فرقة واحدة، و هو ما تحقق على أرض الواقع تحت غطاء فرقة تسمى ‘'الڤوسطو''. وقال الفنان الشعبي عبد المجيد مسكود ل”الفجر”، إن غناء فرقة “الڤوسطو” للمرة الأولى في الجزائر أمر مميز “كادت الدموع تغلبني، فشعور خاص انتباني وأنا أقابل الجمهور العريض الذي غصت به القاعة وتفاعل بقوة مع الأغاني التي أدتها الفرقة”. وأضاف مسكود أنه أمر جميل إفراح الجمهور الجزائري الذي أثبت مرة أخرى وفاءه الكبير للأغنية الشعبية:”جميل أن نفرح الجمهور الجزائري وهذه السنة هناك تظاهرة قسنطينة عاصمة للثقافة العربية، لذلك نتمنى إحياء حفلات أخرى، ولكن إن تمت دعوتنا من طرف القائمين على التظاهرة”. وعلق مسكود عن التأخر في إحياء حفل بالجزائر قائلا “الأمر لا يخصنا، وهذا السؤال يوجه الى المسؤولين على قطاع الثقافة في بلادنا، فأنا فنان مهمتي هي إمتاع الجمهور فقط لسنا هنا لممارسة السياسة”. وعن المشاريع المسطرة من طرف فرقة “الڤوسطو”، كشف مسكود أن الفرقة انتهت من الألبوم الثاني الذي نزل إلى الأسواق وهي بصدد التحضير لألبوم ثالث، إضافة لمشروع إنتاج فيلم وثائقي آخر مع المخرجة صافيناز بوصبيعة. وأوضح قائد الأوركسترا محمد عبد النور، أنه قام بإعطاء الأغاني الشعبية طابعا خاصا عبر اعتماد توزيع موسيقي جديد وإضفاء لمسة خاصة من خلال عصرنة الموسيقى مع الإبقاء على روح الشعبي الأصيل. وعن مدى تخوفه من النقد نظرا لإدخال آلات عصرية على الموسيقى الشعبية، قال محمد عبد النور:”الموسيقى عالم واسع وبحاجة للتطوير دائما، لذلك أنا مستعد لكل أشكال النقد والحوار، فالأغنية الشعبية بحاجة إلى آفاق أوسع”. وتساءل عبد النور عن التجاهل والتهميش الذي يطال فرقة “الڤوسطو” في الجزائر، في حين يبدع خارج الوطن وينال الثناء في كل مرة يحيي فيها حفلا فنيا:”بعد 10 سنوات كاملة من ميلاد الفرقة نحيي حفلا فنيا بالجزائر، تساءلت لماذا هذا التجاهل من طرف المعنيين بقطاع الثقافة في بلادنا، ألا يحق لنا إبراز موسيقانا الجزائرية الاصيل في بلادنا؟، حقيقة لا أجد التعليق المناسب، فحتى هذه السهرة قامت السفارة الأمريكية ببرمجتها وهي التي تكفلت بكل شيء، وربما لولاها لما جئنا إلى الجزائر”.