يطرح الارتفاع الكبير في درجة الحرارة الكثير من التساؤلات لدى سكان منطقة باتنة، حيث كشف لنا بعض كبار السن أن هذه الحرارة لم تشهدها المنطقة منذ عشرات السنين، ويبقى البحث عن أسباب ذلك من اختصاص أهل العلم. غير أن المواطن الباتني ورغم عدم اختصاصه في المجال، فإنه يكذب قطعيا التقديرات الرسمية التي تأتي بها مصالح الرصد الجوي بخصوص درجة الحرارة لكل يوم. ما يعيشه المواطنون يوميا جراء المناخ الحار يفند ما تذهب إليه مصالح الرصد الجوي، في محاولة منها ربما لتغطية الحقيقة بخصوص الحرارة من أجل عدم تحمل الدولة للتبعات المالية المنصوص عليها في ظل تجاوز الحرارة حدا معينا. وقد اعتادت شوارع باتنة أن تكون خالية تماما أوشبه خالية من المارة بعد الساعة الحادية عشرة صباحا على أقصى تقدير، ولا يبقى سوى ما يضمن الحد الأدنى من الخدمة للمواطنين في هذه الساعات، فحتى الإدارات والمصالح المختلفة لا تتوفر على القدر المعتاد من الموظفين الذين اختار الكثير منهم أخذ عطلة في هذا الظرف بالذات، واللجوء إلى الشواطئ هروبا من القيظ الشديد الذي تعيشه باتنة. أما من لم تتح لهم فرصة الذهاب إلى الشاطئ فأصحاب السيارات منهم يلوذون بالغابات وأشجار الصنوبر بمنطقة الشلعلع، وإن كانت الحالة الأمنية التي عاشتها باتنة خلال الشهرين الماضيين على الأقل قد أسهمت في قلة الحركة السياحية بالمكان، الذي شكل متنفسا للعائلات خلال السنوات الأخيرة بعد فتح الطريق الجبلي وسط مرتفعات الشلعلع. بينما يلوذ الكثير من سكان باتنة أو أغلبهم بمنازلهم طلبا لنسمات باردة يجود بها عليهم المكيف الهوائي، إن لم يوقفه الانقطاع المفاجئ للتيار الكهربائي الذي تسجله بعض المناطق بباتنة هذه الأيام. المصالح الطبية استقبلت العديد من حالات ضربات الشمس وقد كشفت المصالح الطبية بعاصمة الولاية وبالبلديات الجنوبية التي تشهد حرارة أكثر ارتفاعا، أن المستشفيات والعيادات العمومية قد استقبلت العديد من حالات أصيبت بضربات شمس لا يقل عددها في المجمل عن ال 20 حالة، تتعلق أغلبها بكبار السن والأطفال الصغار والشبان الذين تضطرهم الظروف للبقاء في الخارج خلال ساعات الذروة الممتدة من قبل منتصف النهار إلى ما بعد العصر. وقد تلقت هذه الحالات العلاج المناسب قبل مغادرة المصحات. أما بعض المصابين بأمراض مزمنة فإن حالتهم قد ساءت مع الإصابة بضربات الشمس واستدعى ذلك علاجا خاصا، رغم الحملات التحسيسية التي تقدمها المصالح الطبية ومصالح الحماية المدنية للمواطنين بعدم التعرض طويلا لأشعة الشمس. الأطعمة الباردة و”البصل” السبيل الأنجع لمقاومة لفحات الشمس وحسب العديد من المواطنين والشيوخ فإن السبل التقليدية لمقاومة ضربات الشمس خلال الصيف والارتفاع النسبي في درجة الحرارة المسجل بباتنة هذه الأيام، تثبت نجاعتها إلى حد كبير، من خلال اتباع نظام غذائي معين يحتوي على أغذية باردة بالدرجة الأولى وتجنب الوجبات الساخنة والدسمة والإكثار من تناول البصل في شكل سلطة لما لهذه المادة من مقاومة كبيرة لحرارة الجو وارتفاع حرارة الجسم وكونها مضادا طبيعيا لضربات الشمس التي تلفح الوجوه، حيث أكد لنا أحد الشيوخ أن الغذاء الرئيسي للفلاحين الذي كان واحدا منهم أيام الحصاد في الصيف يرتكز على البصل والخيار والطماطم الباردة، وهو ما كان يجنبهم ضربات الشمس ويغنيهم عن الذاهب إلى المستشفيات. باتنة لم تعد تغري ”البساكرة” بالقدوم إليها صيفا الملاحظ بباتنة خلال هذه الأيام، هو تراجع أعداد العائلات البسكرية التي كانت تقدم إلى باتنة قبيل فصل الصيف والبحث عن تأجير شقة من أجل تمضية فصل الصيف في جو ألطف من الذي تعيشه ولاية بسكرة المعروفة بسخونتها الشديدة صيفا، حيث كان فصل الصيف خلال السنة الماضية والسنوات التي قبلها موعدا لهجرة الكثير من البساكرة نحو باتنة، وهو ما يؤدي إلى ارتفاع أسعار كراء المنازل في فترة الصيف. أما هذه السنة فإن ارتفاع درجة الحرارة بباتنة لم يجعلها أداة جذب، لتشابه المناخ بينها وبين بسكرة وهو ما لم تشهده المنطقة قبل هذه السنة.