برأت محكمة القطب الجزائي المتخصص بمحكمة سيدي امحمد صباح أمس، كل من عبد القادر بوصوري المدير العام لشركة توزيع الكهرباء والغاز الجزائري، المدير العام السابق مصطفى قيتومي، بالإضافة إلى 27 إطارا بمؤسسة سونلغاز من تهمة تضخيم فواتير استهلاك الكهرباء من قبل مؤسسة سونلغاز. عملية تضخيم الفواتير خلفت أضرارا بمؤسسات عمومية وخاصة، على رأسها كل من رئاسة الجمهورية والمديرية العامة للأمن، مقرات للشرطة، ثكنات عسكرية إضافة إلى مركز صكوك البريد بساحة الشهداء وشركة توزيع المياه للجزائر ”سيال” هذه التضخيمات المبالغ فيها في الفواتير التي كبدت الخزينة العمومية خسارة مبالغ معتبرة نتيجة تضخيمات مبالغ فيها على مدار ست سنوات، هذه المبالغ المالية التي فاقت قيمتها المالية 400 مليار سنتيم. الفضيحة اكتشفت في 2009 ومست رئاسة الجمهورية وأجهزة الأمن وتعود خيوط قضية تضخيم فواتير استهلاك الكهرباء إلى سنة 2009، لما تنقلت مصالح الأمن لطلب فواتير استهلاك الطاقة من مديريات توزيع الكهرباء التابعة لسونلغاز بخصوص هيئات عمومية معينة، أظهرت التحقيقات أنها كانت ضحية تضخيم فواتير بالملايير. وحققت فرقة البحث والتحري لأمن ولاية الجزائر في القضية، بسبب وقوع مبنى رئاسة الجمهورية والمديرية العامة للأمن ومحافظات شرطة ضحية تضخيم فواتير. ثم استلمت الشرطة القضائية للمصالح الاستخبارية الملف، بعد أن ثبت أن ثكنات عسكرية هي الأخرى طالها التضخيم. القضاء يحقق في تضخيم فواتير سونلغاز بمديريات توزيع الطاقة وانطلق التحقيق بالمديريات الست التابعة لشركة توزيع الجزائر للكهرباء والغاز، الحراش، بلوزداد، جسر قسنطينة، بومرداس، تيبازة وبولوغين، التي تضمن فوترة الكهرباء لعدد كبير من الهيئات الحكومية والمؤسسات الخاصة والمواطنين العاديين، وتم إصدار آلاف الفواتير على مدار سنوات، بعيدة جدا عن قيمتها الحقيقية دفعتها هيئات حكومية ومؤسسات عمومية وخاصة كبيرة، على رأسها رئاسة الجمهورية ومركز صكوك البريد بساحة الشهداء وشركة توزيع المياه للجزائر (سيال). ثلث الطاقة الكهربائية تضيع نتيجة سوء التسيير.. والتضخيم لسدها وعن الأسباب الحقيقية وراء عملية التضخيم، فأكدت مصادر على صلة بالملف أنها تعود أساسا إلى ضياع 30 بالمائة من الطاقة الكهربائية أي ”الثلث” نتيجة سوء التسيير على مستوى الشركة، ما يوقع موظفي مصلحة الفوترة في ورطة، فالطاقة المنتجة لا تعادل الكمية التي يتم توزيعها والتي يتوجب فوترتها، ولسد هذه الثغرة المالية، يلجأ المسؤولون إلى سد العجز بتضخيم فواتير استهلاك الكهرباء لهيئات مدنية وعسكرية تتكفل الخزينة العمومية بسد استهلاكاتها من الطاقة، مثل الثكنات، الهيئات التابعة للجيش الوطني الشعبي، والدرك الوطني والشرطة، البلديات والجماعات المحلية، الهيئات الوزارية والمؤسسات الحكومية. بعض المسؤولين يعترفون بتعمدهم تضخيم الفواتير بناء على تعليمات فوقية ووصل عدد الأشخاص المشتبه في تورطهم في الفضيحة المعروفة ب”أيرون” الجزائر، ل200 مسؤول، بينهم مديري المديريات الجهوية الست الحاليين والسابقين ومديري الوكالات الفرعية ال36 وإطارات أخرى، تورطوا في تزوير وتضخيم فواتير لهيئات ومقرات عمومية على رأسها رئاسة الجمهورية، وزارتي الدفاع، والداخلية ووزارات أخرى وكذا قيادتي الدرك والأمن الوطنيين وعدد من مؤسسات الدولة، حيث تم اكتشاف خيوط القضية إثر معلومات وصلت فصيلة الأبحاث في جانفي 2011. واعترف البعض منهم حسب مصادرنا، بتعمدهم تضخيم الفواتير بناء على تعليمات فوقية، هدفها تسجيل نتيجة جيدة في تخفيض نسبة الضياع التي تعد مؤشرا أساسيا في التنقيط للحصول على منحة النجاعة السنوية المدونة في عقد مبرم. نتائج الخبرة تكشف عن 6883 فاتورة مضخمة بقيمة 400 مليار سنتيم وعلى إثر ذلك، أمر قاضي التحقيق بالغرفة الرابعة لدى محكمة سيدي امحمد بتعيين خبير من أجل تجريد الحسابات وكشف الثغرات المالية في الفواتير وتحديد قيمة الضرر، حيث طال التضخيم على مدار ست سنوات (2005-2010) على مستوى المديريات الخمس لتوزيع الكهرباء التابعة لسونلغاز ”بومرداس، تيبازة، الحراش، بلوزداد وبولوغين” 6883 فاتورة بقيمة إجمالية فاقت 4 ملايير دينار أي 400 مليار سنتيم. وحسب ما كشفته الخبرة، يكون مبنى رئاسة الجمهورية المتضرر الأكبر من عملية التضخيم، فقد فاقت 514 مليون دينار والتي تعادل 67.022.816.06 كيلواط من الطاقة الضائعة، التي تورطت فيها كل من وكالة بلوزداد وبولوغين، ليليه جهاز الأمن الوطني. مبنى التلفزيون الجزائري هو الآخر وقع ضحية تضخيم الفواتير والتي تورطت فيها وكالة بلوزداد لتوزيع الكهرباء. أصابع الاتهام وجهت ل27 إطارا وأفضى التحقيق إلى توجيه تهم تتعلق بالفساد للمتورطين ”27 متهما”، الذين يواجهون تهما تتعلق بالتزوير واستعمال المزور في محررات تجارية، وسوء استغلال الوظيفة، وكذا مسؤولين في مصلحة الفوترة على مستوى المديرية المشتبه تورطهم في الفضيحة التي حققت فيها الفصيلة الإقليمية الاقتصادية للدرك الوطني بباب الجديد، حيث تنقل فوج من المختصين في مكافحة الجريمة الإلكترونية إلى المديريات الست التابعة لشركة سونلغاز، وقام بجمع القواعد المعلوماتية، كما طلب من مسؤولي هذه المديريات، كشفا مفصلا حول استهلاك الكهرباء، وبعد أن قام بفحص جميع الفواتير، تنقل إلى المقرات والهيئات الضحية، وأجرى مقارنة بين أرقام العدادات والاستهلاك الذي تضمنته الفواتير التي حررتها المديريات الجهوية لشركة توزيع الجزائر للكهرباء والغاز، أين اكتشف المحققون التلاعب بالأرقام وفوترة وهمية ومضخمة.