يعيش مرضى السيلياك بالجزائر في حالة عزلة وحرمان بسبب التحديات الكثيرة التي تواجههم، بعد اكتشافهم الإصابة بالمرض، فقد تتحول حياة المصابين بين عشية وضحاها إلى دوران في حلقة مفرغة بين تبعات المرض الذي يسبب متاعب صحية متنوعة، وبين غلاء المنتوجات الغذائية الخالية من الغلوتين في الأسواق وقلة مصنعيها وخبرتهم في الجزائر. الداء الزلاقي أو الداء الباطني أو مرض السيلياك يصيب الجهاز الهضمي كردة فعل على التعرض لمادة الغلوتين الموجودة في القمح والشعير والشوفان، ويهاجم أنسجة الأمعاء الدقيقة ما يسبب ضررا لبطانة الأمعاء فتعجز عن امتصاص بعض مركبات الغذاء الضرورية. تروي السيدة مسعودة بزيدي امرأة في الستينات من عمرها، في ربورتاج بثته إذاعة البهجة ضمن برنامج صوت الجزائر، كيفية تعايشها مع مرض السيلياك منذ 35 عاما بعد مرورها على إجهاضات متكررة دفعتها إلى الذهاب إلى أبعد من معالجة أعراض المرض، كفقر الدم والوهن، لتجد راحتها أخيرا في ريجيم خاص دون غلوتين أرجع حياتها إلى سابق عهدها. بالنسبة إلى صليحة فإنها لم تعان من تحدي مرض السيلياك فحسب، وإنما ظروفها المادية كذلك، فبعد معاناة دامت 18 سنة لم تكتشف المرأة أنها مصابة بالمرض، إلى غاية عملها لفحوصات دقيقة أظهرت إصابتها بالسيلياك، وهي تعالج منذ 5 سنوات بنظام صحي محكم، غير أنها لم تستطع تغطية تكاليف العلاج التي أصبحت تثقل كاهل عائلتها البسيطة، لا سيما وأن أدوية السيلياك لا يتم تعويضها بشكل تام من قبل الضمان الاجتماعي. أما صابة صفية جبار بمرض السيلياك سنة 2008 فقد جعلتها تنشئ جمعية سنة 2011، في تحد للتغييب الذي يعيشه مرضى الداء، بالرغم من ارتفاع أعدادهم سنويا. وتقول صفية إن عدد المنخرطين في الجمعية وصل إلى 300 مصاب إلى غاية اليوم، وأن العدد مرشح للارتفاع بمعدل مريضين اثنين في الأسبوع الواحد، وهو ما يدعو للانتباه والاهتمام من طرف المسؤولين على قطاع الصحة والتأمينات والتجارة على حد السواء من أجل تسوية وضعية التكفل بالمرضى في الجزائر. وتحاول جمعية مرضى السيلياك في الجزائر العاصمة إقناع مديري المؤسسات التربوية بضرورة الاهتمام بمرضى الغلوتين الصغار من أجل تخصيص نظام طبي يحافظ على صحة هؤلاء، غير أن المديرين والمشرفين على دور الحضانة أكدوا عدم مسؤوليتهم عما يحضر في المطاعم المدرسية ودور الحضانة. كما تطالب الجمعية بتصنيف مرض السيلياك في قائمة الأمراض المزمنة، غير أن الأمر يحتاج إلى مرسوم رئاسي بحسب المسؤولين الذين يؤكدون أن قائمة انتظار التصنيف تحوي 28 مرضا إلى غاية اليوم وهو ما يشكل هاجسا آخر للمرضى.