استحدثت المحلات التجارية والمساجد نظاما جديدا لعملية التبرع، ليلقى بدوره تفاعلا من قبل المواطنين من خلال وضع علبة لجمع النقود أمام آلة المقبوضات المالية. في حين أن وزارة الداخلية قد أصدرت تعليمة تقر فيها بمنع جمع التبرعات على هذا النحو نظرا للأطراف المشبوهة التي قد تستفيد منها. يتزايد عدد المحلات التجارية التي جعلت عملية التبرعات جزءا من نشاطها اليومي، من خلال وضع علبة حديدية المعروفة باسم "شحيحة" بهدف جمع التبرعات المالية، لتتم الإشارة فيها إلى اسم جمعية معينة مع رقم الهاتف، على أساس أنها الطرف الذي توجه إليه الإعانات. ورغم أن الاقبال في البداية كان محتشما من قبل المواطنين، إلا أن الإقبال واسع في شهر رمضان، على غرار سلة جمع تبرعات المواد الغذائية، حيث أخذتنا جولتنا الاستطلاعية إلى عدد من محلات بيع المواد الغذائية ببلدية سيدي امحمد لولاية الجزائر، والتي خصصت ركنية بها سلة كتب على ملصق بها "سلة التبرعات"، لتتضمن بعض منها المواد الغذائية الأساسية كالسميد، الفرينة، الزيت، البقوليات، العجائن، وغيرها من المواد الواسعة الاستهلاك. وبعد سبر الآراء الذي قمنا به مع عدد من المواطنين، فإن مواقفهم تفاوتت بشكل نسبي، فمنهم من اعتبرها سبيلا فعالا لإعانة المحتاجين، ومنهم من يشوبه الشك حول الطرف المستفيد من إعانات المحسنين، خاصة بعد أن ضربت مصداقية صناديق التبرعات بالمساجد عرض الحائط، لحصول تجاوزات كشفتها السلطات بعد عدد من التحقيقات.. علما أن وزارة الداخلية أفادت أنها ستمنح تراخيص لجمع التبرعات بالمساجد أو تنظيم العملية عن طريق قانون خاص، في حين أن الأمور لاتزال قائمة دون ذلك، خاصة بالمصليات التي انخرطت في العملية. تعتبر تعليمة الوزارة الخاصة بتشديد الرقابة على هذا النوع من التبرعات، واحدة من العديد من التعليمات التي بقيت حبرا على ورق. فرغم أن الهدف منها هو ضبط الأمور القائمة بطريقة عشوائية وغامضة لدى المواطن إلا أنها تبقى مجهولة كذلك لدى الأغلبية بسبب عدم تفعيلها في الواقع. التبرعات المشبوهة.. حين يتلاعب المحتالون بضمائر المحسنين تم كشف اللبس عن طرق التسول التقليدية من قبل المحتالين الذين برعوا في تمثيل دور المحتاجين، حين يتربعون على رصيف طريق رئيسي يعج بالمارة، ويستعملون عبارات الشفقة والحرمان لذوب القلوب الرحيمة. وفي كل مرة يستعمل هؤلاء نمطا جديدا في عملية الكسب غير الشرعي، ليكتشف المواطنون بعد زمن معتبر أنها طريقة جديدة كذلك للتسول، لتكون هذه الممارسات موضة تتغير مع الزمن، أي حسب الوعي الذي ارتقت إليه الناس. يتساءل بعض من الزبائن داخل المحلات التجارية عن الجهة التي تستفيد من التبرعات المالية، في حين أن البعض يتبرع دون أي تساءل، واضعا ثقته الكاملة في صاحب المحل. وإن كانت المساجد قد عاشت تجاوزات في حق تبرعات المحسنين، فكيف لا تعيشها المحلات التجارية التي تعطي أمثلة صارخة عن الانتهازية كرفع الأسعار دون إشعار مسبق، والغش في الميزان؟